هكذا جرت الإنتخابات العراقية الأخيرة في العهد الملكي عام 1958

هكذا جرت الإنتخابات العراقية الأخيرة في العهد الملكي عام 1958

بعد صدور الإرادة الملكية رقم (160) في 27 مارس 1958، التي أعلنت حلاً للمجلس النيابي ودعوة لانتخابات جديدة بموجب المادة (33) من قانون انتخاب مجلس النواب رقم 53 لسنة 1956، باشرت الحكومة التخطيط لتنظيم الانتخابات. تم تحديد موعد الانتخابات العامة في جميع المناطق الانتخابية في العراق يوم 5 مايو 1958. وأصدرت وزارة الداخلية توجيهاتها لمتصرفي الألوية للبدء في التحضيرات الأولية.

في ضوء زيادة كبيرة في عدد السكان والتي أظهرها إحصاء النفوس في 12 أكتوبر 1957، قررت الحكومة زيادة عدد النواب من (137) إلى (148) نائبًا. وعلى الرغم من تفسير الحكومة لعدم وضوح نتائج إحصاء النفوس، إلا أنها قررت تحديد عدد نواب المجلس الجديد عند (145) نائبًا، مع فتح الباب لزيادة متوقعة في المستقبل. وتعهدت الحكومة بالزيادة المتوقعة عندما يصادق المجلس الجديد على دستور الاتحاد العربي، حيث سيتم اختيار (15) نائبًا لمجلس الاتحاد، مما يجعل إجمالي عدد النواب في العراق 160 نائبًا، (145) منهم في المجلس النيابي و (15) نائبًا في مجلس الاتحاد.

The young King Faisal II of Iraq (Hashimite monarchy) takes the oath at the age of 18, in front of the Parliament 05 May 1953 in Baghdad and replaces his uncle Amir Abd al Ilah who was made the Regent. Third and last king of Iraq, Faisal born in Baghdad in 1935 studied in England at Harrow before installed as king. On 14 July 1958 he and his entire household were assassinated during a military coup and his body displayed in public. Iraq was then proclaimed a republic. (Photo by INTERCONTINENTALE / AFP)

بعد المشاورات بين رئيس الوزراء نوري السعيد وولي العهد عبد الاله حول تكوين المجلس الجديد واختيار أعضائه، تم الاتفاق على جعل المجلس نيابيًا مستقلًا وغير تابعًا لأي توجه سياسي، على عكس المجلس السابق الذي كان يهيمن عليه أنصار نوري السعيد. أعلنت الحكومة، من خلال رئيس الوزراء، عن حيادها وعدم تدخلها في الانتخابات، مطالبةً المترشحين باتباع الإجراءات القانونية للترشيح.

في الأثناء، اندلعت نشاطات حيوية في بغداد، حيث اجتمع الوجهاء والشخصيات الوافدة من الألوية والأقضية لمقابلة رئيس الوزراء نوري السعيد ووزير الداخلية سعيد قزاز، طمعًا في دعم حكومي لترشيحهم. في هذا السياق، أصدرت وزارة الداخلية إشعارًا إلى متصرفي الألوية، حثتهم فيه على الاستعداد لإعداد القوائم الانتخابية والتحقق منها في غضون عشرين يومًا من صدور بيان الوزارة.

تكفّل رئيس محكمة استئناف بغداد بتعيين حكام المناطق الانتخابية ضمن صلاحياته، ووجه بتعيين حكام لألوية بغداد والدليم وديالى والكوت. كما أصدر رئيس محكمة استئناف المنطقة الجنوبية في البصرة إعلانًا بتعيين حكام لألوية البصرة والعمارة والمنتفك، بينما قام رئيس محكمة استئناف المنطقة الوسطى بتعيين حكام لألوية الديوانية والحلة وكربلاء.

بدأ المرشحون للانتخابات في التواصل مع أصحاب المحلات في المناطق التي يرغبون الترشح فيها، وكانت هذه الاتصالات محاولات لفحص الرأي العام. فيما تنص المادة 25 من قانون انتخاب مجلس النواب على ضرورة تقديم استمارة الترشيح قبل 15 يومًا على الأقل من تاريخ الانتخابات، وأكدت وزارة الداخلية على متصرفيات الألوية ضرورة استعدادهم لإعداد القوائم وتدقيقها خلال الفترة المحددة. دفع المرشحون في اليوم الأول التأمينات القانونية، وشمل ذلك ستة مرشحين في بغداد، بمن فيهم عبد الجبار الراوي وعارف السويدي وعبد المحسن الدوري.

في بغداد، قام يوسف كتو بدفع التأمينات القانونية كجزء من استعداداته للمشاركة في الانتخابات. وفي سياق مماثل، دفع حسام الدين جمعة من المنطقة الثانية، وشاكر العاني من المنطقة السابعة، ومحمد صالح معتصم المشهداني عن الكاظمية، وعدد من المرشحين الآخرين تأميناتهم القانونية.

تواصلت النشاطات الانتخابية في بغداد باتصالات واجتماعات في مختلف المحلات. وفي يوم 7 نيسان، اكتمل انتخاب الهيئات التفتيشية لجميع المناطق الانتخابية في لواء بغداد، البالغ عددها 16 منطقة. بدأت هذه الهيئات بتدقيق القوائم الموحدة المقدمة إليها، استعدادًا للتحقق من صحتها وإعداد القوائم النهائية للناخبين.

في الموصل، أظهرت المعركة الانتخابية تراجعًا واضحًا، حيث قدمت قوائم المرشحين ودُفِعَت التأمينات القانونية. شهدت هذه المناطق تقديم الترشيحات ودفع التأمينات، وانعدم النشاط الانتخابي في المناطق الانتخابية حتى اللحظة.

شهدت عمليات الترشيح للانتخابات في العراق نقصًا واضحًا في النشاطات الانتخابية، حيث لم تظهر سيارات تطوف في الشوارع أو مكبرات صوت تحث الناخبين على المشاركة. لم يحدث أي خطاب أو اجتماع انتخابي، وشهد انسحابًا كبيرًا من المرشحين بسبب توقعهم لعدم جدوى مشاركتهم، حيث تم ترتيب الأمور مسبقًا لصالح مرشحين محددين.

أحداث الانسحاب شملت عدة شخصيات، منها عبد الرزاق الازري وعطشان الفرحان من عانة، وميخائيل كنو ويوسف كنو عن المسيحيين، وعبد الحميد الهلالي من بغداد، وجابر السرحان من الديوانية، وكامل عارف الناصري من تكريت، وعدد آخر من السياسيين. توجد تكتيكات استخدمتها الحكومة لدعم مرشحيها، بما في ذلك الترويج والدعم من قبل الإدارات المحلية واستخدام وسائل غير قانونية.

انتهت فترة الترشيح بـ 300 مرشح في جميع أنحاء العراق، وأعلن وزير الداخلية سعيد قزاز عن عدد الفائزين بالتزكية، الذي بلغ 118 نائبًا. أثيرت أسئلة حول وجود معارضة، وأشار قزاز إلى أن الوضع سيصبح واضحًا بعد انعقاد مجلس النواب الجديد، مع التأكيد على توفير حرية الانتخابات.

تم إجراء الانتخابات البرلمانية في جو من الحرية وحق التعبير، حيث أكدت حكومة العراق أن المرشحين قد مارسوا حقوقهم وحرياتهم بما يتوافق مع القوانين. وفيما يتعلق بالاحتمال الذي يتيح للأحزاب التأسيس، أكدت الحكومة أنها ستدرس الموضوع بعناية وانعام.

أُصدِرَتِ المرسوم الملكي لدعوة مجلس النواب لعقد اجتماع غير اعتيادي في 10 مايو 1958. في الوقت نفسه، عقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية لمناقشة خطاب العرش الذي سيلقيه الملك في افتتاح المجلس. افتتحت الجلسة الأولى للدورة السادسة عشرة في 10 مايو 1958 بخطاب العرش، حيث تناول الملك فيه السياسة القومية وضرورة تعديل القانون الأساسي لتحقيق الوحدة العربية.

بدأ مجلس النواب انتخاب أعضاء ديوان الرئاسة، حيث انتخب عبد الوهاب مرجان رئيسًا للمجلس بحصوله على 134 صوتًا. ومن ثم انتُخِبَ عز الدين ملا نائبًا أول بحصوله على 125 صوتًا، بينما فاز فوزي الخضري بمنصب نائب ثانٍ بحصوله على 112 صوتًا.

اترك تعليقك


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *