محلة باب الشيخ تعتبر جزءًا من المحلات الكبيرة في بغداد، تقع في الجنوب الشرقي من المدينة وعلى الضفة الشرقية لنهر دجلة. تشتهر بالعقد والمواقع المتعددة، منها عقد الحروب وعقد الاغوان (الافغان) وعقد الشيخ الالفي.
كما يضم المحل عدة مناطق وأماكن بارزة مثل عقد القصاب خانه وقهوة سلمان وقهوة المزنبله وعقد العسلان وقهوة ام النخلة. وتاريخيًا كانت المحلة تعرف في العهود السابقة باسم باب الازج، حيث كان باب الطلسم يقع في شرق المحلة وكان يُعرف سابقًا بباب الحلبة.
يعتبر باب الحلبة جزءًا من السور الذي بني في عهد الخليفة المستظهر بين 1094 و1118. اشتهر هذا الباب بقربه من ميدان السباق، وقد تم تجديده في عهد الخليفة الناصر لدين الله في عام 221 للهجرة.
تم إنشاء برج فوق باب الحلبة، الذي عرف في العهد الأخير بباب الطلسم، وأطلق عليه اسم “برج الفتح” بعد دخول السلطان مراد الرابع العثماني عام 1048 هـ / 1638 م خلال فتح بغداد. استمر هذا البرج حتى عام 1917، حيث قام الأتراك بتدميره عند مغادرتهم بغداد.
أما سبب تسميته بـ “باب الشيخ”، فكان لأنه كان بالقرب من باب الحلبة، وقد أُطلِقت عليه هذه اللقب بعد أن كان يحوي برجًا كبيرًا، وتم ذكره مرارًا خلال الحصار المغولي باسم “برج العجمي” نسبة إلى الشيخ الزاهد عبد القادر الكيلاني. وكان هذا الشيخ مشهورًا وكان يلتجأ إليه الناس في تلك الزاوية.
جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني، الذي أصبح مزارًا للكثيرين من العراق وغيرها من البلدان، يعزز أهمية محلة باب الشيخ، حيث يتوافد الناس إليه لطلب البركة، وقد أضحى الموقع جذبًا للزوار من شبه القارة الهندية وغيرها.
تعد الحضرة الكيلانية موقعًا هامًا داخل سور بغداد الشرقية وتحمل قيمة تاريخية كواحدة من الأماكن القليلة التي تظل في مواضعها الأصلية. الشيخ عبد القادر الكيلاني، الذي توفي في بغداد عام 1165 م ودُفِن في مكان قبره الحالي، يُعَدّ مشهدًا مهمًا ويجذب الزوار بعدة معالم، بما في ذلك الحضرة والمسجد الجامع الذي بني بالقرب من مرقده.
تتميز الحضرة بموقعها الأصلي واحتفاظها بتفاصيل تاريخية، وقد جدد ووسع الشيخ عبد القادر الموقع الذي كان في الأصل مدرسة بناها أبو سعيد المخرمي، الفقيه المتوفى في عام 513 هـ. وأضاف الشيخ عبد القادر حلقات دراسته وظل مكرسًا لها حتى وفاته في عام 561 هـ.
يقع في مواقع الحضرة جامع بني بمهارة وأناقة، يرتفع فوقه مصلى بقبة فاخرة، وتحيط به مآذن ورواق مبني على أعمدة رخامية بيضاوية. يُعتبر المرقد المكرس للشيخ الجليل هو نقطة جذب رئيسية ومكان للزيارة والعبادة.
تم تشييد قبر الشيخ عبد القادر الكيلاني في بغداد وتجديده بفضل السلطان العثماني سليمان القانوني، حيث هدمت القبة الأصلية واستُبدلت بقبة شاهقة ذات تصميم سلجوقي رائع، وأُضيفت إليها مرافق متعددة ومنارة ضخمة بالقرب من الرواق.
يعود تاريخ مدرسة جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني، المعروفة أيضًا باسم المدرسة القادرية، إلى فترة طويلة. أسسها الفاضل أبو سعيد المخرمي، وتولى تعليم العلوم فيها الشيخ عبد القادر الكيلاني. تضم المدرسة مسجدًا كبيرًا يُعرف بـ”ذي القباب السبع المذهبة”، حيث كان يُعلم فيه أولاد الشيخ عبد القادر ومن بعدهم علماء بارزين.
أما مقبرة الشيخ عبد القادر الكيلاني، فتعتبر من المزارات البارزة في بغداد، وتقع داخل السور المجاور لشارع غازي (شارع الكفاح). تحتضن المقبرة رفات عدة شخصيات بارزة من السياسيين والعلماء والشخصيات الاجتماعية، بما في ذلك عبد المحسن السعدون ورشيد عالي الكيلاني، وتكرم ذاكرة شخصيات وطنية أخرى مثل كامل الجادرجي.
هذه الشخصيات والمؤسسات كانت تشكل جزءًا لامعًا من تاريخ محلة باب الشيخ في بغداد.