يقصد بـ(التعليم العالي): الدراسة التي تلي التعليم الثانوي ، إذ كان يقبل في الكليات والمعاهد العالية من حاز شهادةَ الدراسة الاعدادية، أو شهادةً دراسة مهنية حكومية تَعدُّها وزارة المعارف معادلة للدراسة الثانونية، أوشهادةً من الخارج معادلة للشهادتيين المذكورتين تعترف بها وزارة المعارفولم تكن فكرة التعليم العالي حديثة العهد في العراق، وليست وليدة تفكير آني قصير، انما كان التوجه لتأسيسها والتفكير في انشائها يساور النخبة من ابناء العراق وهم يتطلعون الى تاريخ حضاري يستمدون من عراقة تراثه مايلهمهم هذا التصور.
يمتد تاريخ التعليم العالي في العراق الى ماقبَيل انشاء الدولة الملكية في العراق،وكانت بدايته فتح مدرسة للقانون في بغداد عام 1908 ويمكن تقسيم تاريخ التعليم العالي في العراق، خلال المدة مابين عامي 1908و1958 ،على ثلاثة مراحل ،هي: أواخر الحكم العثماني ، وعهد الانتداب البريطاني ،وعهد الاستقلال ، واتسمت بالنقل والتقليد للانظمة الغربية تنظيما وادارة واهدافا، ويتضح خلال تلك المدة مدى تأثير الاوضاع السياسية المحلية والاقليمية والدولية والعوامل الاقتصادية والاراء والتناقضات الشخصية الوطنية والاجنبية في مسيرة التعليم العالي في العراق، ففي العهد العثماني كان الهدف من التعليم العالي محصورا في إعداد الموظفين، كالقضاة والاداريين والمحامين لاشغال بعض الوظائف الحكومية، فتم التركيز على دراسة العلوم الفقهية والشرعية، وكان طابع النظام الفرنسي المركزي هو الغالب من حيث الادارة والتنظيم أمّا في عهد الانتداب البريطاني فكان التعليم في معظمه نظريا، وبعيدا عن واقع المجتمع ،ومماثلا للنظام التعليمي البريطاني في فلسفته وادارته وتنظيمه، ولم يتغير النظام التعليمي في عهد الاستقلال ، حيث طغت الدراسات الانسانية والأدبية ومع تزايد أَعداد المتخرجين من الجامعات البريطانية والفرنسية والامريكية، وعودتهم الى العراق، وتأسيس كليات جديدة، بَدَأ واضحا تأثير الفلسفة التربوية البريطانية والفرنسية والامريكية في النظام التعليمي، إذ افتقر النظام التربوي الى فلسفة واضحة ومحددة المعالم .
تركز التعليم العالي خلال المدة مابين عامي 1908و1958 في مدينة بغداد،حيث ضمت العديد من المعاهد العالية والكليات الانسانية والعلمية ، وهي تابعة اداريا وفنيا الى وزارات عدة ،وتديرها هيئات ادارية مستقلة ، ولكنّها كانت جميعها مرتبطة بوزارة المعارف، عدا كلية الطب والصيدلة التي كانت مرتبطة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، وكلية الهندسة التي كانت مرتبطة بوزارة الاشغال والمواصلات، في حين ارتبطت كلية الحقوق بوزارة العدلية، ثم أُلحقت عام 1924 بوزارة المعارف .
أسِّس المعهد من قبل وزارة المعارف في بداية العام الدراسي 1942-1943 بأسم (معهد التربية البدنية) بهدف اعداد مدرسين في مجال الرياضة للتدريس في المدارس الثانوية ويقبل فيه خريجو الدراسة الاعدادية ودار المعلمين الابتدائية ودار التدريب الرياضي، ومدة الدراسة فيه سنتان ،ويمنح المتخرج بعدها شهادة الدبلوم وبلغ عدد طلاب المعهد في العام الدراسي الاول (30)طالبا وقد اغلق المعهد في عام 1946 ثم افتتح في بداية العام الدراسي 1954-1955باسم (المعهد العالي للتربية البدنية)، واصبحت مدة الدراسة فيه ثلاث سنوات بعد الدراسة الاعدادية، أو دورالمعلمين الابتدائية (فرع التربية البدنية)، او مايعادلهاويمنح المتخرج بعدها شهادة الدبلوم العالي .
وبعد قيام ثورة 14 تموزعام 1958 ألحق المعهد بجامعة بغداد ،وتقرر جعل الدراسة فيه اربع سنوات ابتداءً من العام الدراسي 1958-1959 ،وقد بلغ عدد طلاب المعهد المتخرجين(115) خريجا للعام الدراسي 1962-1963. توسعت المناهج التدريسية في المعهد توسعا شاملا، كما تم ربط (مديرية التربية الرياضية للجامعة) بعمادة المعهد، وأصبح المعهد يشرف على جميع اوجه النشاط والفعاليات الرياضية في الجامعة وبلغ عدد الطلاب (327) طالبا في العام الدراسي 1964-1965 ثم ارتفع عددهم الى (548) طالبا في العام الدراسي 1967-1968 وقد أَقرمجلس الوزراء ،بجلسته (التاسعة والاربعين) المنعقدة في 6حزيران عام 1967،تغيير اسم المعهد الى (كلية التربية الرياضية)،ويمنح المتخرج شهادة البكالوريوس في التربية الرياضية .