تقع قلعة بغداد الداخلية في قلب مدينة بغداد، بالقرب من باب المعظم في منطقة المخرم العتيقة. وتشغل الموقع الحالي لوزارة الدفاع في منطقة باب المعظم. كانت تُعرف لدى الأتراك باسم “(أيج قلعة)”، أي “القلعة الداخلية”، نظرًا لأن سورها يحيط بالمدينة. وأصبحت تُعرف لاحقًا باسم “(الطوبخانة)”، أي “موضع المدافع”. يقع هذا المعلم التاريخي في الزاوية الشمالية الغربية من الرصافة، حيث تطل على نهر دجلة وتواجه قصر المجيدية. وتحديدًا، تقع القلعة في نهاية السور الشمالي الغربي على الضفة الشرقية لنهر دجلة.
تتمركز قلعة بغداد الداخلية في قلب المدينة، قرب باب المعظم في منطقة المخرم العتيقة. تنتهي حدودها عند حديقة المجيدية، وتمتد من مقابل مقهى الميدان إلى نهر دجلة. يُذكر أن هناك قصراً قديماً توجد آثاره في زمن العباسيين. يعتبر وجود قلعة في بغداد أمرًا ضروريًا نظرًا لأهميتها في تحصين المدينة وتشييد جدران وأبراج حمايتها. تتألف القلعة من أسوار تمتد على طول نهر دجلة، وتُعرف بالقلعة الداخلية، حيث يخترق جدار السور المدينة. لعبت القلعة دورًا كبيرًا في المقاومة والثورات التي شهدتها بغداد. في زمن الرحالة نيبور، كانت تستخدم كمكان لصنع البارود وتخزينه. كانت حراسة القلعة مسؤولة عن جند الانكشارية القادمين من إسطنبول، حيث كان عددهم 12 ألف جندي سنويًا. في الفترة الأولى من الحكم العثماني، كانت القلعة غير مكتملة البناء من الداخل، وقد وصفها راوولف في سنة 1573م. تُطلق عليها الأتراك اسم “(أيج قلعة)”. وفي زمن السلطان سليمان القانوني، تم تجديد القلعة وسورها والأبراج. تشغل القلعة مساحة كبيرة في ركن المدينة، وتحيط بها جدران معززة بأبراج أسطوانية. بُنيت القلعة في عهد الأسرة التركمانية القراقوينلو خلال فترة قوثيو. يُعتقد أن أول ذكر لها في حوادث سنة 1445م. وتعتبر هذه القلعة استثناءً في الإنشاءات الحربية، حيث بُنيت كحصن داخل المدينة وكموقع للدفاع. وتُعرف بـ “(الطوبخانة)” أي “موضع المدافع”. في سنة 1685م، كانت القلعة تحتوي على حوالي 2191 مدفعًا. وأول ذكر لها كان في حوادث سنة 1468م.
شهدت القلعة المذكورة تطورًا عبر مراحل متعددة من التعمير والتجديد، بدأت بتجديد جزئي وانتهت بتشييد برج جديد. فعندما فتح السلطان سليمان القانوني العراق، قام بترميم أبراجها وأسوارها، وفي احتلال الشاه عباس الصفوي لبغداد، أمر بحفر نفق تحت أسوار القلعة. في الاحتلال الصفوي الثاني، شدد الشاه صفي الدين على تجديد قلعة بغداد الداخلية وإنشاء برج جديد بإشراف المعمار مجيد خان أستاجلو.
في حكومة الوزير عبد الرحمن باشا، قام بتقوية جدران القلعة وتحكيم حصونها. كما أجرى الوزير أحمد باشا تعزيزًا للقلعة وحصنها، ما جعلها تحمل اسم “قلعة أحمد باشا”. وفي ولاية الوزير عبد الكريم باشا، تم بناء القلعة من جديد وتجديد مرافقها بشكل شامل. شهدت هذه العمارة التجديد إضافة حديقة غناء، حيث تحف بها الأنهار وتمرر الممرات في القلعة، وتظللها الأشجار.
بعد ذلك، أدخلت تعديلات إضافية على القلعة، حيث قام نامق باشا بتدمير بعض الأبنية والأسواق، وقام بتوسيع صحنها وإحاطة سور بغداد بجزء كبير منها.
القلعة الداخلية، بتصميمها المربع وبنيانها الجميل، تتميز بجمال فني فريد. يحيط بها خندق عميق وتحتل مكانة مهمة في تخزين البارود، وتحتلف من حيث الأبواب، حيث يواجه أحدها داخل المدينة والآخر جنب السور ويعرف بـ “الباب المشؤوم” الذي يظل مغلقًا باستمرار. تفيد الوصفات المختلفة بأن القلعة تتألف من الحجر الأبيض الجميل ويُعزز السور بأبراج صغيرة، والخندق المحيط به ضيق العمق. يتميز سور القلعة بأبراج صغيرة ومزاغل لرمي رصاص البنادق. يضم الداخل القلعة مرافق مهمة مثل مخزن للذخيرة والمؤن العسكرية، ودار لسك النقود والخزانة، ويشرف على حراسة باب القلعة الكبير حرس مدججون بالسلاح.
القلعة الداخلية تتميز بأربعة أبراج ركنية ذات شكل ثلاثة أرباع الدائرة، حيث يظهر برج متهدم في الصور، وهو مبني من الطوب والجص. الأبراج الركنية مزينة بشرفات تشبه ستائر سور القلعة. الأبراج الوسطية تأخذ شكل نصف اسطواني، ويُذكر بأن القلعة مزودة بعدة أبراج، حيث يمتاز السور الشرقي والغربي بخمس أبراج، فيما يحتوي السور الجنوبي على ستة أبراج نصف أسطوانية. الأبراج قائمة على الطراز البرميلي، وتظهر تفاوتًا في الأبعاد والمقاسات، ويُشير البعض إلى أن الأبراج الركنية هي الأكبر والأضخم، وتُستخدم لدعم وتقوية السور الخارجي. تظهر القلعة بشكل عام كمبنى ضخم مزود بأبراج بارزة، ويُظهر أحد الأبراج السطح الأبيض اللامع. القلعة تظهر كهيكل قوي وضخم، وقد جرى تجديدها وتعزيزها خلال فترات متعددة في تاريخها، وخاضت تحديات عدة، بما في ذلك الهجمات العسكرية.
تمتاز القلعة بتواجد المزاغل على أسوارها وأبراجها، وتشمل المباني الداخلية للقلعة أيضًا. تتمثل مزايا المزاغل في الأبراج في تنوعها، حيث توجد مزاغل ضيقة المظهر من الخارج، وتتنوع بأشكال وأحجام مختلفة. تظهر المزاغل في صورة نوافذ مستطيلة الشكل، تكون طولها كافٍ للرامي للدفاع عن القلعة أثناء التعرض للهجوم. هناك نوع آخر من المزاغل يتميز بالعرض النسبي، ويظهر في شكل نافذة مستطيلة الشكل أيضًا. يتواجد هذا النوع من المزاغل في الأبراج، حيث يُستخدم للدفاع والرصد. تظهر المزاغل أيضًا في المباني الداخلية للقلعة، حيث تراقب الجزء العلوي من بعض الحجرات، وتكون عريضة من الداخل وضيقة عند التطلع إلى الخارج. يتنوع حجم وشكل المزاغل في القلعة، حيث تختلف أبعادها بين صغيرة وكبيرة، وتُصمم لأغراض مختلفة، مثل الرمي والرصد.
تتمتع القلعة بعدة مداخل، أحدها الرئيس يفتح نحو ساحة الميدان، ويتميز بباب ضخم على غرار أبواب القلاع، حيث يظهر هذا المدخل بشكل حنية متوجه بعقد نصف دائري. يتكون الطابق الثاني من هذا المدخل من حجرة مربعة الشكل تحتوي على مزاغلين وثلاث فتحات مدموجة تستخدم لصب السوائل المحرقة على رؤوس المهاجمين في حالة تعرض المدخل للاقتحام. هناك مدخل آخر يُطل على نهر دجلة ويعرف بـ “الباب السري”، وهو مستطيل الشكل متوج بعقد مستقيم، تعرّض لعمليات هدم متكررة، مما أدى إلى تغيير بعض قياساته الأصلية. وثالث مدخل يُسمى “الباب المشؤوم”، وهو مغلق بشكل دائم عندما جدد سور القلعة خلال حكم الوالي سليمان باشا في العراق. بفضل هذه المداخل المختلفة، تبرز القلعة بتنوع قياساتها وتخطيطها الفريد.
داخل القلعة تتنوع المباني بين المهدمة والمبنية بالقرب من السور الخارجي، حيث تظهر حجرات مستطيلة الشكل مكونة من طابقين، مغطاة بأقبية نصف أسطوانية. تزين هذه الحجرات عقودٌ مدببة، تُستخدم لتحويل الجزء العلوي إلى شكل دائري أو مثمن لتسهيل تركيب القبة. تعكس العقود تفرّدًا معماريًّا، حيث تحوّل الجزء المربع إلى دائري. يُظهر القبو النصف دائري استخدامًا لتسقيف الممرات، في حين يُستخدم القبو التقليدي لتخزين الذخيرة والبارود.
تشتمل المباني على بناية قوية متهدمة، قد تكون مستودع للذخيرة والبارود. تحتوي القلعة على طوبجي قشلة سي (طوبخانة)، أو ثكنة المدفعية، وتحتضن وحدات المدفعية وأسلحتها. تحتوي القلعة أيضًا على ساحات للتدريب والرياضة والألعاب، بالإضافة إلى جامع لأداء الصلاة وتكية عيدروسية. تحتوي أيضًا على قصر الوالي ودور لسكنى الجيش ومرافق خدمية مثل المخبز والمطابخ. تحتفظ القلعة بسجن للمجرمين الأهليين وتقدم السجنى خدمات الخياطة، ويشغل سجن القلعة مديرًا خاصًا به. بالإضافة إلى تكية عيدروسية، تحتوي القلعة على بقايا أيوان من العصر العباسي، وتشمل تماثيل أسدين عند الباب الرئيسي.