بتصميمها المميز والفريد، تبرز مئذنة المسجد الجامع الكبير في سامراء، “الملوية”، كشاهد على إبداعات العمارة العراقية التاريخية.
وتقع مدينة سامراء الأثرية على ضفاف نهر دجلة، على مسافة 130 كيلومتراً شمال العاصمة العراقية، بغداد، وفقاً لموقع مركز التراث العالمي التابع لمنظمة اليونسكو .
وتضم المدينة، التي كانت قديماً مقر عاصمة إسلامية “جبارة” وبسطت نفوذها على أقاليم الدولة العباسية التي امتدت خلال قرن من الزمن من تونس إلى وسط آسيا، ابتكاراتٍ هندسية وفنية طوّرت محلياً قبل أن تنقل إلى أقاليم العالم الإسلامي، وأبعد من ذلك.
ويعد المسجد الجامع ومئذنته “الملوية”، اللذان شيدا في القرن التاسع الميلادي من بين الآثار العديدة والبارزة الموجودة في المدينة الأثرية.
وعن تاريخ المسجد الجامع الكبير في سامراء ومئذنته الشهيرة “الملوية”، فقد “بناه الخليفة العباسي المتوكل على الله بن الخليفة المعتصم بالله، بين عامي 848 و851 ميلادي”، أي أن عمرها يتجاوز الأف عام، وفقاً لموقع جامعة سامراء.
وتعد مئذنة الجامع من أبرز معالم العمارة العباسية في مدينة سامراء، إذ تتميز بطراز معماري فريد من نوعه عن بقية مآذن العالم الإسلامي.
وتقول أميمه السامرائي، من أهل مدينة سامراء ، إن المئذنة الملوية تعد أحد معالم العراق المميزة بفضل طرازها المعماري الفريد بين مآذن العالم الإسلامي، كما أنها تعد أعلى وأضخم مئذنة شيدت في ذلك الزمن.
وتشرح السامرائي أن مئذنة سامراء تختلف عن باقي مآذن المساجد في العالم الإسلامي بسبب شكلها الحلزوني الفريد، فهي متسعة المساحة من الأسفل، ويقل اتساعها صعوداً حتى بلوغ القمة بارتفاع يبلغ حوالي 52 متراً، وهي مؤلّفة من طبقات متعددة، كما أنها تنتصب خارج الجامع، أي أنها تعد بناء منفصل قائم بذاته، بحسب ما ذكرته.
وتوضح السامرائي أن الارتقاء إلى قمة مئذنة سامراء يكون من الخارج عن طريق سُلَّمها الذي يدور حول محورها صعوداً بعكس اتجاه عقارب الساعة، وتضيف: “لهذا السبب كان الناس يرون المؤذِّن عن بعد، وهو يرتقي المئذنة، فيعلمون بحلول وقت الصلاة”.
وقد وثقت عدسة المصور العراقي، أسامة صارم، مئذنة “الملوية” ذات الشكل الحلزوني الفريد خلال زيارته الأخيرة للمسجد الجامع الكبير في سامراء.
ويشرح صارم سبب زيارته قائلاً: “كانت لدي ذكريات غامضة عن هذا المكان وكانت آخر مرة زرت الملوية منذ حوالي 20 عاماً. أتذكر أنني ذهبت طول الطريق إلى قمة الملوية عندما كنت طفلاً، حيث كانت هناك غرفة صغيرة للمؤذن للجلوس والراحة”.
ويوضح صارم أنه أراد تجديد ذكرياته من خلال زيارة هذا المكان مرة أخرى، إذ لم تتسن له الفرصة من قبل بسبب ظروف الحرب والأوضاع الأمنية التي جعلت سامراء غير آمنة للزيارة لفترة طويلة.
ومن وجهة نظر صارم، تحمل مدينة سامراء أهمية كبرى في عهد الخلافة العباسية، وما زالت حتى يومنا هذا، تحتوي على الكثير من الأماكن التي تظهر ذروة العصر الذهبي الإسلامي، وتضم واحدة من أكثر الأبنية التي يمكن التعرف عليها، وهي الملوية في جامع سامراء الكبير.
وكغيرها من المواقع التاريخية في العراق، هناك وسائل متعددة لزيارة “الملوية”، ولكن صارم قرر الزيارة برفقة مجموعة سياحية تنظم رحلات حول العراق، للحصول على تجربة فريدة من نوعها، وفقاً لما ذكره.
ورغم أن الملوية تعد من أكثر الأماكن شهرة، إلا أن صارم أوضح أن هناك العديد من الأماكن الأخرى التي يمكن زيارتها في سامراء والتي تشترك في نفس الأهمية، مثل الملوية الأخرى الصغيرة لمسجد أبو دلف، وقصر البُركة.