ذكرى صوتها العذب وابتسامتها المشرقة تعود لمن كانوا يراقبونها على شاشات التلفزيون قبل عقود. كانت أول امرأة تعمل في الإذاعة ابتداءً من عام 1946، وكانت أيضًا أول مذيعة تلفزيونية ظهرت أمام الجمهور على الشاشة الصغيرة في عام 1956. على الرغم من مرور العقود، كانت “صبيحة المدرس” ترحب بنا بابتسامتها الدائمة وحيوية الشباب في منزلها.
تلاقينا في هذا اللقاء الذي أعادنا إلى فترة البدايات لتأسيس التلفزيون، حيث تذكر صعوبات وتحديات العمل في ذلك الوقت، والتي أصبحت اليوم ذكريات حلوة تتداولها الناس في حديثهم، خاصة بعد تغيّر كل شيء وتطور مباني واستديوهات وتكنولوجيا التلفزيون. وفي لحظة من الحنين، تغلق المذيعة الأولى عينيها لتعيش من جديد أول لحظات دخولها لمبنى الإذاعة اللاسلكية، قائلة: “كان ذلك في عيد النهضة العربية (9 شعبان)، حيث دعينا من قبل الإذاعة للحضور والتحدث في هذه المناسبة. ذهبت وأنا حاملة بيدي ورقة كتبت فيها نصًا تحية للمناسبة”.
كانت البداية عفوية عندما سُمِعَت كمذيعة راديو من قبل مدير الإذاعة الذي أعجب بأدائها وفاجأها بعرض العمل كمذيعة. بدأت الرحلة في الصف الرابع الثانوي، وفيما بعد دُعِيَت لتكون أول مذيعة تلفزيونية، حيث كانت أولى تجاربها نقل افتتاح التلفزيون في عام 1956. وبينما تتذكر هذه اللحظات، تُشير إلى غرابة عبارتها الأولى على الشاشة حين وجهت التحية لمحطة تلفزيون بغداد باعتبارها محطة إذاعية.
وفيما يتعلق بتعليقات الناس، تذكر بابتسامة أطراف الفم حين كانوا يسمعونها تردد عبارة “هنا بغداد” أثناء سيرها في الشارع.
- هل استمرت في مهنتك كمذيعة التلفزيون؟
- عملت في التلفزيون حتى عام 1958، ثم قررت ترك المجال لفترة قصيرة. عادت مرة أخرى في عام 1964 وظلت تعمل حتى 1968، قبل أن تفرغ للعمل في المحاماة. تحولت لتكون مديرة لسجن النساء لمدة 4 سنوات بعد ذلك، وفي النهاية، تقاعدت قبل خمس سنوات.
- ماذا عن مشوارك في المجال القانوني؟
- بعد تخرجي في كلية الحقوق عام 1951، بدأت مسيرتي المهنية كملاحظة في وزارة العدل، ثم في وزارة العمل. انتقلت بعدها إلى وظيفة أخرى حتى عام 1963، حيث اندمجت في ميدان الإعلام كمحررة في نشرة الإذاعة والتلفزيون، وكانت أيضًا مديرة لسجن النساء.
- كيف تأثرت بفترة خدمتك كمديرة للسجن؟
- كانت تلك فترة صعبة، حيث أدارت السجن بعاطفة وصداقة مع السجينات. ومع أنها لم تشعر بأنها تصلح لتكون مديرة سجن بسبب طابعها العاطفي، إلا أنها قررت الانسحاب والتقاعد بعد أربع سنوات.
- ماذا عن شغفك بالشعر؟
- الشعر يشكل جزءًا لا يتجزأ من حياتي، بدأت كتابة قصائد في عام 1947 ولا زلت مستمرة. قامت بمحاولة جمع قصائدها في ديوان بعنوان “العالم الثاني”.
- ما هي مواصفات المذيعة الناجحة برأيك؟
- بالنسبة لي، يجب أن تكون المذيعة غير خجولة، لغتها قوية، وقادرة على القاء النصوص بشكل جيد، مع جمل موسيقية وليست جافة. يجب أن تكون قادرة على النظر إلى الكاميرا دون الحاجة للنظر باستمرار إلى الورقة. الابتسامة المستمرة والأناقة والبساطة أيضًا جزء من النجاح.
- هل لديك قصة مضحكة أثناء عملك كمذيعة؟
- نعم، هناك حادثة طريفة لا تزال تذكرها الناس. في أحد الأيام، أثناء قراءتي لفقرات المنهاج، comitted خطأ وصاحت: “بيه يمه صخام!” وعلى الرغم من الخطأ، استمرت في القراءة بعد أن ضحك العاملون في الاستديو. عندما طُلب منها المدير العام توضيح سبب الخطأ، قالت بابتسامة: “استاذ، كان العقل في اجازة وقتية!” ما أدى إلى ضحك المدير ونسيان العقوبة.
Post Views: 343