تعد سدة الكوت في محافظة واسط، من أطول سدود العراق، حيث تتألف من 56 بوابة، وتعتبر من السدود المهمة في العراق، لما لها من تأثير في خزن المياه واستخدامها في موسم الشح.
ورأت السدة النور في ثلاثينيات القرن الماضي، بعد هجرة غير مسبوقة للقبائل العربية التي كانت تسكن على ضفتي نهر الغراف إثر جفاف المياه، مما أدى إلى خسائر كبيرة لسكان المنطقة التي كانت تشتهر بزراعة الحنطة والشعير.
وبعد هذه المشكلة أعلنت وزارة الاقتصاد والمواصلات في حكومة جميل المدفعي، “مناقصة دولية” دعت فيها الراغبين أفراداً وشركات للدخول إليها، حيث تقدمت شركات عديدة لتنفيذ المشروع منها شركات غربية هي هرسان، وبلفور، ناتال، ومولم براند، وعبود، وشركة بولينك.
تأريخ السدة
في السادس من أيلول عام 1934، وقع عقد مقاولة إنشاء السدة، ولأهمية المشروع قرر الملك غازي، حضور إجراء مراسيم حفل وضع حجر الأساس وتحديدا يوم الاثنين الموافق 10 كانون الأول 1934.
ويقول الباحث رياض العكيلي، إن “الملك حدد يوم 28 آذار عام 1939، تأريخاً لافتتاح مشروع السدة، وفعلا وصل الملك آنذاك إلى محل الاحتفال في الوقت المحدد، والذي حضره جمع غفير من المسؤولين وأعضاء الهيأة الدبلوماسية ومديري الشركات وعدد من الوزراء والنواب والأعيان والمتصرفين، وألقى كلمة عبر فيها عن سروره لافتتاح مشروع سدة الكوت والذي يبلغ طول السدة فيه حوالي 570 متراً وفيها 56 فتحة، عرض كل منها 6 أمتار، ويوجد في كل فتحة باب لتنظيم جريان الماء، وفيها مخرج مدرج للاسماك، وقد اشتمل بناء السدة اطناناً من الفولاذ والحديد.
وأكد العكيلي، أن “السدة اليوم تمثل موردا كبيرا للمحافظة فضلا عن أنها خزين كبير للماء ويمكن استخدامها في أي وقت يشاء”.
الأيدي العاملة
ويبلغ عدد العمال والمشتغلين في هذا المشروع الحيوي، 3314 عاملاً، بحسب محمد علي عباس العامل في السدة، والذي تحدث كذلك عن عمل والده وعمه في إنشاء سدة الكوت.
وقال عباس، إن “الشركة المنفذة أعلنت في وقتها حاجتها إلى عمال، فتقدم والدي وعمي الكبير وعمل والدي برش القوالب الكونكريتية وكانت أجرته حينذاك 50 فلساً، بينما كان عمي سائقاً لآلية نقل الصبات أو المواد الإنشائية وكانت أجرته 100 فلساً لكونه سائق آلية”.
وأضاف، أن “عدد العمال كان كبيراً جداً، وكان والدي يتحدث عن كيفية بناء الدعامات الرئيسة للسدة، حيث يأتون بحديد أو ما يسمى محليا بالشليمان، ويركبونه بصورة هندسية ويثبتونه بواسطة مطرقة كهربائية ويصبونه بالشكل الموجود حاليا”، مبيناً أن “مادة الأسمنت كان تأتي معبأة في براميل خاصة”.
أهمية السدة
عباس أضاف في حديثه، أن “السدة حالياً تعد مكاناً سياحياً وتجارياً على اعتبار أن الصياديين وجدوا لهم مكاناً ملائماً لصيد الأسماك، نظرا لوجود المياه وبكثرة”.
وأشار، إلى أن “المكان باتت تلجأ إليه العائلات الواسطية كمتنفس رئيس لهم، والآن وبعد مرور أكثر من 80 عاماً على إنشاء هذه السدة، تتخذها شريحة واسعة من المثقفين لإقامة انشطتهم الثقافية فيه”.
بدوره مدير سدة الكوت حيدر كاظم: إن “سدة الكوت هي منظومة سيطرة إروائية تنظم توزيع المياه لمحافظات ( واسط ، ذي قار ، ميسان ، البصرة)، مؤكداً أن “الغرض من إنشاء السدة هو لرفع منسوب المياه في مقدمة السدة وتجهيز نهر الغراف والدجيلة ومشاريع الدلمج والجهاد والبتار لغرض السقي ،وأنها توفر المياه للأراضي الصالحة للزراعة ،التي تقدر بمليون وربع المليون دونم “.