تتنوع طقوس احتفالات رأس السنة بين الأسر العراقية، حيث تقوم بعضها بتحضير الحلويات والمأكولات وترسل دعوات للأقارب، في حين يفضل آخرون استقبال العام الجديد في المطاعم أو الفنادق أو القاعات الاحتفالية. يعكس البعض الاحتفالات في الشوارع والساحات العامة التي تتحول إلى تجمعات احتفالية، ويختار آخرون السفر إلى الخارج للاحتفال بالمناسبة.
تشمل احتفالات رأس السنة جميع مدن العراق، ولكن تكتسب بغداد، العاصمة، لمسات خاصة، حيث يزورها الآلاف من العائلات والشبان قبل ليلة رأس السنة. يتجول الناس في الأسواق والمراكز التجارية في هذه الليلة، ورغم الزحام، يعتبرونها “واحدة من ليالي العمر القليلة”.
تزخر أيام الأعياد بفرص كبيرة لأصحاب محلات الهدايا والبائعين المتجولين لتحقيق أرباح ملحوظة. يتنكر بعض هؤلاء البائعين بزي بابا نويل، حيث يقدمون الورود والقبعات الحمراء والألعاب للأطفال. تتألق ساحات التحرير والفردوس والنسور وسط بغداد، إلى جانب شارع المتنبي، كمراكز رئيسية للاحتفالات، حيث يتعاون معها وزارة الثقافة وأمانة العاصمة لتجهيز فعاليات خاصة بالمناسبة. تستضيف هذه الساحات عروضاً مسرحية وفنية، وتوفر شاشات عرض كبيرة، وتعزز الأجواء الاحتفالية بتوزيع الأعلام العراقية. تستمر النشاطات حتى ساعات متأخرة من الليل، وسط إجراءات أمنية تحترس من حدوث أي أعمال عنف.
يتحدث محمد الكرادي (48 عامًا) عن تغير طابع احتفالات رأس السنة في العراق، حيث يشير إلى أنها لم تعد تشبه الاحتفالات السابقة. في السابق، كان العراقيون يحتفلون في المنازل والحدائق العامة، ينظمون جلسات شواء للحوم والأسماك، ويحتفلون كعائلات. ولكن اليوم، يحتفل الشبان بمفردهم، وتحدث الاحتفالات داخل الأسر بشكل فردي، مما أدى إلى فقدان نكهة الاحتفال العائلي. ورغم ذلك، يلاحظ أن بعض العائلات لا تزال تنظم احتفالات جماعية في المنزل وفي الشوارع والميادين العامة.
تعبر حليمة عدنان العبدلي (53 عامًا) عن أهمية الاحتفالات، حيث ترى أنها تعزز العلاقات الأسرية وتجمع الأقارب، وتستغل هذه المناسبات للتواصل مع العائلة. تشير إلى أن احتفالات رأس السنة تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الروابط العائلية، وتكون فرصة لدعوة الأقارب للاجتماع. تعتبر أيضًا أن احتفالات رأس السنة تحمل أهمية خاصة في العادات العراقية، حيث يتم تزيين المنازل وتحضير مأكولات مميزة، مثل السمك والحلويات والمعجنات، وشراء الملابس الجديدة للأطفال. تُظهر تطورًا في احتفالات العائلات، حيث يفضل بعضها زيارة المطاعم والفنادق وحضور حفلات المطربين في القاعات، بشرط أن يتم ذلك بحدود الآداب العامة. على الرغم من توقف الاحتفالات لبعض السنوات بسبب المشاكل الأمنية، إلا أن العائلات استمرت في تنظيم جلسات هادئة داخل المنازل.
يعبر حسن عبد الله (29 عامًا) من محافظة كركوك عن تفضيله للتجول مع زوجته وطفله في الشوارع خلال ليلة رأس السنة، يلي ذلك زيارة منزل والديه والسهر حتى الصباح. يشير إلى أن الإقبال المفرط على شراء المفرقعات والألعاب النارية يمكن أن يسبب مشاكل في بعض الأحيان، مما يدفع بعض العائلات إلى البقاء في المنازل خوفًا من أن يصاب أحد أفرادها بأذى. يُظهر أن العراقيين، في كل الأحوال، يبحثون عن أي مناسبة مفرحة لتخفيف مشاعر الحزن والخوف التي قد تكون في دواخلهم.
زينب اللامي (21 عامًا)، المقيمة في مدينة النجف، تقول إن السنوات السابقة لم تشهد مظاهر الفرح والزينة خلال احتفالات رأس السنة، ولكن تبدلت الأوضاع في السنتين الأخيرتين، حيث أصبح بإمكان الأهالي الاحتفال في المطاعم والخروج للتنزه ليلاً. باتت النجف وكربلاء تشهدان أفراحًا بعد السيطرة على بعض رجال الدين المتطرفين الذين يرفضون الاحتفال برأس السنة. يعبر العراقيون عن انتظارهم الصبر للاحتفال بالأعياد، خاصة أن لديهم قلة من المناسبات الفريدة. وتشهد شوارع بغداد زخرفة بأشجار عيد الميلاد، في حين يشهد العراق انخفاضًا في أعداد المسيحيين الذين يشاركون في احتفالات رأس السنة بسبب المشاكل الأمنية والتهديدات.