حمامات بغداد الشعبية ساونا القرون الماضية

حمامات بغداد الشعبية ساونا القرون الماضية

تاريخ الحمامات الشعبية في بغداد يتسم بالمفارقات والحكايات، حيث كانت تشكل جزءًا أساسيًا من الحياة البغدادية. يرتبط وجود العديد من الحمامات بالبيوت التي لا تحتوي على حمامات داخلية، مما جعل السكان يتجهون نحو الحمامات الشعبية في أسواق بغداد. وفي رحلته إلى بغداد، وصف ابن جبير وجود حوالي ألفي حمام، معظمها مطلية بالقار، وكان الناس يستمتعون بالاستحمام برفقة مأكولات مثل البرتقال والنومي حلو والرمان والتفاح. وكانت هناك طقوس مصاحبة للزيارة، حيث يوفر كل حمام خدمات مثل المدلكين وحلاقين وقهوجين يقدمون الشاي والحامض والدارسين. وكانت الزيارات إلى الحمامات تزيد خلال فصل الشتاء وفي المناسبات والأفراح والأعياد، مما يجعلها مكانًا حيويًا ومزدحمًا.

تميزت الحمامات الشعبية في بغداد بالطراز البغدادي الفريد، حيث كانت تتميز بالأقواس والقباب والدهاليز. كانت تضاء ممراتها بالقناديل والشموع قبل انتشار الإنارة الكهربائية، وكان لكل حمام بغدادي فتحات زجاجية ملونة بالأخضر والأصفر والأحمر في سقفه، بهدف إدخال الضوء إلى داخله. ورغم أن بعض أشهر وأقدم الحمامات ما زالت قائمة وتشهد على الزمن، إلا أن البعض الآخر اختفى بسبب التطور الحضري، حيث حُلّت محله بالعمارات والمخازن التجارية. يشمل هذه الحمامات البغدادية الرائعة، والتي بعضها ما زال حاضرًا وبعضها الآخر اندثر على مر الزمن، مثل حمام حيدر، وجلبي، والراعي، والشامي، وغيرها الكثير، التي أضفت تاريخاً وسحراً خاصاً على العاصمة العراقية

تطورت عادات الاستحمام في بغداد حيث أصبح الكثيرون يفضلون دور الاستحمام الخاصة في منازلهم العصرية على زيارة حمامات السوق. في السابق، كانت الحمامات الشعبية تعتمد على تسخينها بالتبن وفضلات الحيوانات، وكانت تتميز بفتحات زجاجية ملونة في سقفها لتسريب الضوء. بينما كانت تعتمد في التسخين على “الطمة”، تحولت الحمامات إلى استخدام النفط بدلاً منها.

في الماضي، كان الشلغم يلعب دورًا مهمًا في تسخين الحمامات، حيث كان يستخدمه باعة الشلغم لتوفير الحرارة اللازمة للزبائن. ويضيفون طابعًا فريدًا عندما يقولون: “الشلغم درمان الصدر يبعد الزكام ويدفئ الجسم في الشتاء”.

تقول لحظة طريفة إن الحمامات في بغداد تاريخية ومتنوعة، بعضها قديم والبعض الآخر حديث، مع وجود تقاليد تفصل بين ما زالت حاضرة وما اختفت. يتألف بناء الحمامات التقليدية من منازع وباحة كبيرة مع حوض ودكات حولها، حيث يتم إزالة الملابس قبل الدخول إلى حوض كبير وعميق. ومع هذا التطور، فإن طقوس دخول الحمامات وتوفير الزي المناسب للمستحمين لا تزال تحتفظ بطابعها التقليدي.

تتميز حمامات الساونا بتقنيات حرارية كهربائية تحكم فيها اختصاصيون، تستهدف الزبائن الراغبين في فقدان الوزن، بينما يتميز الحمام الحجري بطابعه التقليدي. يؤكد صاحب حمام الكولات حسين فارس على جهودهم الجادة في الحفاظ على نظافة الحمام وصيانته سنوياً، خاصة في فصل الصيف، حيث يتم تجديد الملابس والصبغ وتحسين الخدمات لضمان راحة الزبون.

وعلى الرغم من التحديات، مثل نقص مادة النفط وقلة إمدادات الماء وارتفاع تكلفة المولدات الكهربائية، يظلون ملتزمين بمهنتهم ويواجهون التحديات بروح إيجابية. يعكسون أيضًا القلق حيال استهلاك الماء والاعتراضات على الأسعار، رغم أن سعرهم يُعتبر جيدًا، حيث يصل إلى ألفي دينار، وثلاثة آلاف دينار في حالة الساونا.

تتشارك الحمامات علاقات قوية مع فنانين ورياضيين مشهورين، مما يعكس تأثيرها الإيجابي على المجتمع، بما في ذلك الفنان رعد الناصري والمذيع الراحل رشدي عبدالصاحب والمطرب الراحل حسين سعيدة، بالإضافة إلى لاعبين ورياضيين بارعين مثل رعد حمودي وفلاح حسن ومحمود زيدان وإسماعيل خليل.

هل تذكر كل شيء، أبو علي؟ الزبائن كانوا يستخدمون القبقاب الخشبي للحفاظ على الحرارة، ولكنه تقريبًا انقرض واستُبدل بالبلاستيك الذي لا يصدر الأصوات نفسها. كانت الطاسة الصفر تصدر صوتًا قويًا، لكننا استبدلناها بالبلاستيك أيضًا. نسمح بدخول الحمام للأفراد البالغين من 12 سنة فما فوق، شريطة أن يكونوا برفقة والدهم أو شقيقهم. وعندما يتحدث أكثر من شخص، يجب أن يثبت أحدهم ويقول: “حمام نسوان” دون أن يقول “حمام رجال”، وهذا يعتبر قاعدتنا وليست علينا، والله أعلم.

اترك تعليقك


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *