في عام 1954، دخل التلفزيون إلى بغداد عبر شركة باي الألمانية، وقامت حكومة الملك فيصل الثاني بشرائه. تم افتتاح البث في 2 مايو 1956 بمناسبة ميلاد الملك. وبهذا أصبح أول تلفزيون في الشرق الأوسط، مما دفع الناس للتوجه إلى المقاهي التي امتلكت هذا الجهاز، وأصبح التلفزيون ضروريًا.
البعض اختار شراء التلفزيون من أسواق حسو أخوان في شارع الرشيد، وكانت تعد وجهةً شهيرة تقدم كل ما يحتاجه البيت من كهربائيات وملابس ولعب أطفال وغيرها. كانت هذه الأسواق توفر خدمات ما بعد البيع، بما في ذلك صيانة وتصليح الأجهزة الكهربائية، بما في ذلك جهاز التلفزيون، وذلك تبنيًا لمفهوم الخدمة ما بعد البيع المتبع في بعض البلدان الغربية. استمرت أسواق حسو أخوان في تقديم خدمات الصيانة طالما كان الجهاز مشترى منها.
تذكرت قصة فني كان يقوم بصيانة تلفزيون باي، وكان يأتي بسيارته للكشف على الجهاز، وكانت الخدمة تستمر حتى نهاية الستينات عندما أغلقت الشركة بسبب قيود الاستثمار الحكومية.
شهدت بغداد في الفترة الزمنية الواقعة في أوائل الثلاثينات من القرن العشرين إغلاق عدة شركات بارزة، ومن بينها وكالات بيع السيارات لماركات عالمية مثل فورد وشيفروليه. أيضًا، توقفت العديد من المحلات الشهيرة، مثل نوفكس التي تختص في بيع الملابس الرجالية، ومكتبة مكنزي وغيرها من المعالم البارزة.
ومن بين الطرائف التي حدثت خلال تلك الفترة، كان بعض زوار بغداد من المحافظات يتساءلون عن “أورزدي باك”، حيث كانوا يتصوّرون أنه اسم شخص. وكان يُستخدم اللفظ “بيك” للتفخيم وهو تركي الأصل.
أما “أورزدي باك”، فكانت كلمة ارتبطت بكل ما هو جيد من بضائع، ظهرت لأول مرة في بداية الثلاثينات. يُطلق العراقيون على “أورزدي” اسمًا يشمل مكانًا يباع فيه البضائع المتنوعة المستوردة والمحلية، وكانت تشمل الملابس والأقمشة ولعب الأطفال والمواد الغذائية والمواد الكهربائية والأدوات الاحتياطية والاكسسوارات والعطور ولوازم الأطفال واللوازم النسائية.
أما بخصوص أصل كلمة “أورزدي”، فكانت هناك تفسيرات متعددة، ومن بينها:
يعتقد بعض المؤرخين أن اسم “أورزدي باك” يرجع إلى أودلف أوروزدى، الذي كان ضابطًا في الجيش المجري وافتتح أول محل لبيع الملابس في مدينة جالاتا عام 1855. بدأ أوروزدي وأبناؤه، الذين كانوا من عائلة باك ذات الأصول النمساوية المجرية، في إقامة معارض مشابهة في أماكن متعددة، بما في ذلك بغداد وإسطنبول وبيروت. ثم اشتراها ثري يهودي في القاهرة وسُميت سلسلة المتاجر باسم “عمر أفندي” في الموقع الذي يظل حتى اليوم في شارع عبد العزيز.
بنى “أورزدي باك” على أرض وقف قرة علي، التي كانت تضم قهوة ومسافرخانة (فندق) ومربطًا للخيول. كانت هذه الأرض واسعة المساحة تحدها شارع الرشيد من الأمام ونهر دجلة من الخلف، وكانت تقع بين بيت الباججي ومدرسة قرة علي وتكية قرة علي وجامع علي جلبي (جامع سيد سلطان علي) ودور بيت قرة علي. استمتعت هذه الموقع المميز في قلب بغداد، وعلى أكبر شارع فيها، وبمساحتها الواسعة، بإعجاب شركة عمر أفندي التجارية، حيث بدأ صاحبها عمر أفندي الأرنئوط الألباني الأصل في تنفيذ المشروع التجاري في بغداد.
مع الوقت، تم بيع شركة عمر أفندي إلى يهودي فرنسي يُدعى “أورزدي باك”، والذي اتخذ خطوات جادة في التعاقد مع متولي وقف قرة علي، محمد رشيد جلبي (رشيد جلبي). تم تأجير الأرض بعقد طويل المدى يستمر لمدة ستة وثلاثين سنة.