بناية وزارة الدفاع في الباب المعظم.. عندما كانت قلعة بغداد الداخلية

بناية وزارة الدفاع في الباب المعظم.. عندما كانت قلعة بغداد الداخلية

تقع قلعة بغداد الداخلية في داخل مدينة بغداد بالقرب من باب المعظم في محلة المخرم العتيقة أي أنها كانت تشغل موضع وزارة الدفاع الحالية في منطقة باب المعظم. كانت القلعة الداخلية في بغداد يسميها الاتراك بـ (أيج قلعة) أي القلعة الداخلية وذلك لأن سورها يقع داخل المدينة وصارت تسمى فيما بعد (الطوبخانة) أي موضع المدافع وتقع هذه القلعة في زاوية السور الشمالية الغربية من الرصافة مطلة على نهر دجلة تقابل قصر المجيدية””وبالتحديد تقع هذه القلعة في نهاية السور الشمالي الغربي الكائن على الضفة الشرقية للنهر

ويبدو بناء القلعة من مقابل مقهى الميدان وينتهي في حدود حديقة المجيدية طولاً ومن الشارع العام الى نهر دجلة عرضاً وبها قصر قديم في زمن العباسيين”ولا بد من وجود هكذا قلعة في بغداد”لأن القلاع والاسوار والخنادق من مستلزمات المدن الكبيرة والعواصم وخاصة مثل بغداد أذ لا بد من تحصينها وضرب نطاق من الاسوار والابراج حولها ويحيط بها خندق عميق””القلعة مكونة من تلاقي الاسوار لشاطيء دجلة وهي تعرف بالقلعة الداخلية وذلك لأن جدار السور في هذه القلعة يتغلغل في داخل المدينة وكان لها أثر كبير في الحصارات والثورات والفتن التي تعرضت لها مدينة الخلفاء وكانت هذه في زمن الرحالة نيبور محلاً لصنع البارود ومذخراً أما حراستها فقد كانت منوطة بجند الانكشارية الذين كانوا يرسلون من أستنبول في كل سنة ويبلغ عددهم (12) ألف جندي”كانت هذه القلعة في الفترات الاولى من الاحتلال العثماني ليست كاملة البناء من الداخل كما وصفها راوولف سنة 1573م – 981هـ فقال”القلعة الداخلية ليست كاملة البناء من الداخل وشاهدت أمامها بعض قطع المدافع الكبيرة وتعرف لدى الاتراك بأسم (أيج قلعة) وهي القلعة التي يسكن فيها الباشا التركي”وكان المؤرخ التركي نعيما”يسمي هذه القلعة بقلعة سليمان لأن السلطان سليمان القانوني عندما فتح بغداد عام (1534م-941هـ) أمر بتجديد القلعة وسورها والابراج””فالقلعة تشغل مساحة مربعة كبيرة من ركن المدينة في الزاوية الشمالية الغربية من سور المدينة أما الاضلاع الاخرى من القلعة فقد حصنت بالسور الذي عزز بعدد من الابراج الاسطوانية قائمة في الاركان الاربعة من أسوارها”أما عن تاريخ بناء هذه القلعة”أنشئت هذه القلعة في حكم الاسرة التركمانية القراقوينلو في فترة قوثيو”وفي رأي آخر”أن تأسيس هذه القلعة يرتقي الى أواسط القرن (9هـ-15م) في عهد الدولة القراقوينلو””ان اول ذكر لهذه القلعة ورد في حوادث سنة (1445م-849هـ”“القلعة بنيت في عهد التركمان القراقوينلو فالمؤلوف بالقلاع أنها تبنى خارج المدن على جبل أو هضبة لتكون آخر معقل للمقاومة ألا أن هذه القلعة أنشئت بخلاف المألوف في الإنشاءات الحربية الدفاعية فهي على التحقيق حصن من الحصون””تسمى هذه القلعة (الطوبخانة) أي موضع المدافع””وكانت هذه القلعة تحتوي على حوالي (2191) مدفع وذلك في سنة (1685م-1097هـ)”ويرى الدكتور مصطفى جواد أن”أول ذكر لهذه القلعة ورد في حوادث سنة (1468م-873هـ)”وعلى اكثر الاعتقاد أن الرأي الاخير هو الارجح.
فالقلعة المذكورة مرت بعدة مراحل من التعمير والتجديد بعضها كان جزئي والآخر كلي”فعندما فتح السلطان سليمان القانوني العراق عمر أبراجها واسوارها وعند أحتلال الشاه عباس الصفوي لبغداد في سنة (1623م-1033هـ) أمر المعماريين بحفر نفق تحت أسوار القلعة وفي الاحتلال الصفوي الثاني للعراق أمر الشاه صفي الدين المعماريين بتجديد بناء قلعة بغداد الداخلية وتشيد برج جديد لها وقام بالاشراف عليها المعمار مجيد خان أستاجلو في سنة 1638م-1048هـ””في حكومة الوزير عبد الرحمن باشا عام (1674م-1085هـ) شرع هذا الوزير بتقوية جدران القلعة الداخلية وتحكيم حصونها وكذلك في حكومة الكتخدا أحمد باشا سنة 1686م-1098هـ فقد حصن قلعة بغداد الداخلية ولاسيما الحصن المسمى (جاوش قلعة سي) وسمي بعد ذلك بأسم قلعة أحمد باشا”.”وفي ولاية الوزير عبد الكريم باشا سنة (1848م-1265هـ) بنيت القلعة الداخلية من جديد وعمرت عمارة كبيرة جداً وشاملة لجميع مرافقها وهذه العمارة دونت في ديوان الفاروقي في أبيات شعر بعام بناء القلعة ومن هذه العمارة دار الضرب”بعدها أضيفت”للقلعة حديقة غناء وتحف بها الانهار وتخلل الممرات في القلعة ويظللها الشجر الباسق”(“تحتوي القلعة على دور كثير وسوق وقهاوي حيث قام نامق باشا (1862م- 1279هـ) بهدم الدور والسوق وأوسع من صحنها وأحاط سور بغداد بالقسم الاعظم منها”
وتحتوي القلعة على”بقايا أيوان موجود في هذه القلعة وهو من بقايا العصر العباسي (دار المسناة) وأن هذا الايوان كان ولايزال محل اشتباه بين المختصين”. ويعتبر الجنرال ل.دي بيليه أول من زار بقايا هذا الايوان داخل القلعة قبل عام (1907م-1325هـ) وقام الجنرال بتصوير هذا الايوان وقد ظهر في هذه الصورة”أن الايوان متوج بعقد مدبب وهو كبير الحجم مبني بالاجر والجص وعلى يسار الايوان بناء بنفس ارتفاع بناء الايوان فيه مدخل صغير مستطيل الشكل متوج بعقد نصف دائري وهو من أبنية القلعة لأن بناءه يختلف عن بناء الايوان وعلى اكثر الاعتقاد أن هذا البناء يمثل مخزناً كبيراً””ومن منشآت القلعة مقهى يسمى مقهى القلعة”.”وفي باب القلعة على يمين الداخل يقوم مدفع صغير وضع للتحية العسكرية أثناء دخول الوالي او القائد الانكشاري””وهو مدفع كبير طوله (4) م وقطر فوهته (0.50) م مصنوع من النحاس ويسمى (طوب ابو خزامة) وقد استخدم هذا المدفع من قبل الجنود العثمانيين والسلطان مراد الرابع عند فتحه لمدينة بغداد وأنقاذها من سيطرة الفرس””وقد زينت هذا المدفع زخارف مختلفة منها تشكيلات هندسية وحيوانية فالهندسية عبارة عن أشكال نجمية سداسية الرؤوس وأشكال مثلثات والاشكال الحيوانية متمثلة بأسماك وكذلك توجد على وسط المدفع أشرطة كتابية وللمدفع عروتان علويتان وعلى مقدمته سطران من الكتابة المعلقة كل سطر داخل نطاق من الزخرفة الهندسية والحيوانية وهذه الكتابة بخط النسخ البارز نصها”مما عمل برسم السلطان مراد خان بن السلطان احمد خان”علماً أن هذا المدفع تحمله عجلات ضخمة ومما يلفت النظر الى ان في باب القلعة”يوجد تمثالان لأسدين وضعا على جانبي الباب الرئيسي”. أن وجود الحيوانات على جوانب المداخل المحصنة دلالة على القوة والشجاعة وهو تقليد أستعمل في العراق القديم في بابل ونينوى وآشور

اترك تعليقك


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *