يوجد قصر الزهور في الجزء الغربي من مدينة بغداد في منطقة الحارثية. ويرتبط الموقع حاليًا بقصر السلام، الذي تم بناؤه في تسعينات القرن الماضي ويستخدم اليوم كموقف للسيارات. تم شراء مزرعة الحارثية لبناء قصر للعائلة المالكة في عام 1932 (1350 هـ)، وهو القصر الذي أصبح موقعًا تاريخيًا في بغداد.
صمم المهندس الإنجليزي “جيمس مولسون ولسون” قصر الزهور وكان حينها يشغل منصب “معمار الحكومة”. كان معمارًا بريطانيًا ولد في لندن في 28 مارس 1887 وعمل في العراق منذ عام 1918 حتى عام 1950. شغل العديد من المناصب، منها مدير مكتب المعمار في الفترة من 1924 إلى 1926 وتوفي في 26 يوليو 1965.
استمر العمل في القصر حتى عام 1934، وصرفت ما يقرب من 150 ألف دينار على إنشائه. ومع ذلك، توفي الملك فيصل الأول (1921-1933م) قبل اكتمال بناء القصر. انتقل الملك غازي (1933/1939م) إلى القصر مع زوجته الملكة عالية بنت عمه. بعد وفاة الملك غازي في 1939، بقيت الملكة عالية في القصر مع ابنها الملك فيصل الثاني. بعد وفاة الملكة عالية في نهاية عام 1950، أصبح القصر مصدرًا للذكريات والشؤون العائلية. خصوصًا بعد وفاة الملك غازي والملكة عالية، أصبح قصر الزهور محط اهتمام الأمير عبد الإله، واستُخدم كمقر لاستقبال ضيوف الدولة، مما أدى إلى تسميته الرسمية باسم “قصر الضيوف العظماء”. لم يتعرض القصر للقصف خلال هجوم الجيش على قصر الرحاب في يوليو 1958، وظل يستضيف المناسبات الرسمية، وشغلته وزارة الثقافة والإعلام في السبعينات. في نهاية 1991، استُخدم القصر لتصوير الفيلم العراقي “الملك غازي”. استمر القصر حتى مطلع عام 2003 حيث تعرض لقصف كامل من قبل الطائرات الأمريكية.
تميز قصر الزهور بتصميمه الخارجي المعقّد الذي يتضمن الأبراج المتنوعة والنوافذ المتعددة، مما يجعل منظره رائعًا ومدهشًا. يشبه القصر الفيلات الإنجليزية بأبراجه وشرفاته. يحيط بالقصر حدائق جميلة زُرعت بمختلف أنواع الزهور، مما أدى إلى تسميته بقصر الزهور. يتألف القصر من طابقين، حيث يحتوي الطابق الأرضي على قاعات رسمية مثل قاعة الاستقبال وقاعة العرش، وترتبط هذه القاعات بمداخل متصلة. يتضمن الطابق الأرضي قاعة الاستقبال الواسعة وقاعة العرش التي تتميز بتصميمها الفخم، بالإضافة إلى قاعة الطعام الكبيرة التي كانت تستوعب مائة شخص على طاولة الطعام فيها.
يُميز الطابق العلوي في قصر الزهور بوجود ثمانية أجنحة، حيث يتألف كل جناح من غرفة جلوس وحمام ملحق بها، بالإضافة إلى غرفة نوم فاخرة تليق بالملوك والأمراء. يتكون واجهة القصر الرئيسية من طابقين، وتم إنشاء جدار السطح (ستارة) باستخدام الآجر والسمنت، بينما أُقيمت الأعمدة من الخرسانة. تنقسم الواجهة إلى أربعة أقسام؛ القسم الأول يضم جدارًا مزينًا بنافذة مستطيلة يُبرزها عقد مستقيم وزخرفة أجرية. تتناغم نافذة ثانية على هيئة قوس زخرفي مع الديكور العام، مع تدليل على الجمال في الواجهة. تكتمل هذه القسم بميازيب تتدلى من سطح القصر إلى الأرض المحيطة به.
في القسم الثاني، يتم إطاره بإطار يبرز عن الجدار الأمامي للقصر في الجهتين، يحتوي على شعار الملكية العراقية وسارية تعلوها علم الدولة العراقية الذي كان يرفع في تلك الفترة. وفي وسط هذا القسم، يتوسط المدخل الرئيس للقصر الذي يعلوه شعار الملكية العراقية. يتقدم هذا المدخل بطارمة ترتفع عن الأرض بسبع درجات، وتحمل سقفها أربعة أعمدة خرسانية تدمج بجدار الواجهة على طراز دوري. يستند كل عمود على قاعدة مربعة غلّفت بالمرمر ذو اللون الأسود ويحمل تاجًا دوريًا. يتميز الطابق الأول بواجهته بشرفة على شكل نصف دائرة تتقدم، ويكتمل الشكل العام بحاجز مبني بالآجر ومكسي بالسمنت، مع وجود حواجز حديدية تتناظر بين الأعمدة في الواجهة.
الطابق العلوي يتسم بفتحة في جدار الواجهة، تؤدي إلى الشرفة من خلال مدخل يبرز قليلاً عن الجدار. يعلو المدخل نافذة صغيرة مستطيلة، وتحدها نوافذ كبيرة على جانبيه. يتواصل الشكل الإطاري الذي يؤطر القسم العلوي للواجهة، ويُظهر امتداده بشكل برج مربع الشكل. يتغطى نهايته بشكل جمالي بقرميد أحمر. أما القسم الثالث، فيتشابه مع القسم الأول من حيث التفاصيل، مما يُضفي جمالاً وتناغماً للواجهة. القسم الرابع يكون برجاً أسطواني الشكل، ينتهي بشريطين، الأول أصغر من الثاني. يُتوج البرج بقرميد أحمر على شكل هرمي، ويحتوي على سلم حلزوني. يُزين البرج ست نوافذ مستطيلة، تتغاير ارتفاعاتها تبعًا للسلم الحلزوني. البرج يظهر تناغماً في زخرفة الواجهة، ويمتد ميزاب من الشريط البارز نحو الأرض.