في 22 نيسان 1915، رفع الجاويش أحمد صبري، الملقب بـ “الصقلي”، من الجندرمة العثمانية، العلم العثماني فوق تلة في قصبة ألقوش. وقاد معه مجموعة من الجندرمة. كما قام بالإشراف على بناء السراي في المنطقة، الذي تم الانتهاء من بنائه في 17 حزيران 1916. بهذا الفعل، تحولت القوش من قرية بأهمية دينية وكنسية إلى وحدة إدارية عثمانية.
تقع بناية القشلة في الجهة الشمالية للبلدة القديمة، وأثناء الاحتلال الإنجليزي، عيّن القائد العراقي اللواء بطرس أدمو مديرًا للناحية، حيث استُخدمت بناية القشلة كمركز لإدارة الناحية ومركز للشرطة. وفي كتاب “المعالم العمرانية والحضارية في القوش”، يشير يوسف إسحاق زرا إلى أن القوش القديمة والحالية تفتقر إلى مصادر المياه، مما دفع السكان إلى بناء سدود ترابية لتجميع كميات كبيرة من مياه الأمطار لتلبية احتياجاتهم. ويشير زرا إلى العديد من السدود المستخدمة، منها سد محلة قاشا، وسد المرمبعان، وسد أودو، وسد محلة سينا، وسد المحلة التحتانية، وسد القشلة. في المقابل، كان سد الخبر ننا هو الأهم لتلبية حاجة القوش القديمة للمياه، إذ كان يتكون من أخدود طوله 40 مترًا وعمق يزيد عن مترين، وكان يوفر المياه للمنطقة. وللأسف، تمت إهمال هذا السد مع مرور الوقت وتراكم الأتربة عليه.
حصلت القوش على شهرتها بفضل قبر النبي ناحوم القوشي، الذي كان كاتبًا لإحدى سفر العهد القديم المعروفة بـ “سفر ناحوم”، حيث كان يزوره اليهود. وفي كتاب “أصول أسماء مدن وقرى عراقية”، يشير الأستاذان كوركيس عواد ويعقوب سركيس إلى أن القوش كانت مأهولة منذ القرن السابع قبل الميلاد، ووصف النبي ناحوم سقوط نينوى في سنة 612 قبل الميلاد. كما أكدت مراجع سريانية أقدم ذكر للقوش في القرن الثامن قبل الميلاد في كتاب “أيشوح عدناح” لمطران البصرة.
شهدت القوش أيضًا تأسيس مركز للبطريكية الكلدانية، حيث تم تولي أحد عشر بطريركًا في الفترةق من 1504 إلى 1778 م. ومع ذلك، تعرضت لنكب من قبل أمير راوندوز في عام 1832. يعتبر اسم “ألقوش” آراميًا وليس تركيًا، ويُفسر بأنه جاء من “أيل قشتي” بمعنى “قوس الله”.
من بين المؤلفين والخطاطين المشهورين في القوش:
تضم القوش أيضًا أديرة بارزة مثل دير الربان هرمزد ودير السيدة ناطرة الزرع، ودير راهبات الدومنيكان الذي تأسس في سنة 1902.
من بين أبرز خانات القوش القديمة قبل ظهور الحداثة في السكن الفندقي:
كان خان آل زلفا متخصصًا في علاج الخيول والحمير، بالإضافة إلى وضع الحدوات على حوافرها (النعلبند). تمت ملكية الخان بواسطة حسقيال زلفا، وبعد ذلك قام الموسرون بشراءه وبناء قاعة دينية واجتماعية ملكاً لكنيسة القوش.
كانت القوش مركزًا لعدة حرف وصناعات، حيث قامت الأسر القوشية بمهن متنوعة مثل القصابة والبناء والحياكة وتقشير الحنطة (الدنوك الحجرية). استُخدمت الصخور المنحوتة بطريقة فنية في تقشير الحنطة والسمسم. في الستينات، تم توزيع أراض سكنية بأسعار مدعومة وبناء دور حديثة بدلًا من الكهوف القديمة، وتم تبليط الشوارع وتوفير المياه الصالحة للشرب بواسطة الأنابيب.
من طرائف القوش، يأتي اسم مغارة تومن الصغيرة نسبةً إلى بصلة الثوم البري المتنوعة في سفوح الجبل وحول المغارة. في موسم الربيع، يقوم أهالي القوش بجني هذه البصلة وأوراقها، ويقومون بطهيها وتحشيتها داخل فصوص الجبن المحلي، مضيفين له طعمًا فريدًا.
تتميز القوش بعيونها وآبارها، وتنشط ساحات المدينة خلال فصل الربيع، حيث تحتفل الشباب بأفراحهم وأعراسهم، يعم الحب والسعادة تلك الأيام، مما يخلق ذكريات جميلة للجميع يسترجعها الأشخاص الأكبر سنًا خلال تلك الأيام القوشية الجميلة.