تعتبر الأوركسترا في جميع انحاء العالم المتحضر خلاصة للرقي والتحضر الفني والأجتماعي اكاديمياً – فنياً حيث اعضاؤها هم عادة من افضل الموجود موسيقيا . وتعتبر السيمفونية الوطنية العراقية من اقدم الأوركسترات في المنطقه حيث كانت بدايتها في الاربعينات في القرن الماضي مكونة من اساتذة وطلبة معهد الفنون الجميلة وجمعية بغداد للفلهارمونيك حيث تم تقديم العديد النشاطات كأوركسترا وترية .وتوسع نشاطها كماً ونوعاً بتقادم العناصر الأجنبية والخبراء في العزف والتدريس بداية نشاطاتها وفعالياتها وفي 1959 ارتبطت بوزارة التربية كأوركسترا متكاملة حتى عام 1962. حيث اصبحت الاوركسترا تحت رعاية وزارة الارشاد رسمياً وقدمت اول نشاطاتها المتكاملة في تلك السنة بمناسبة احتفالات الذكرى الالفية لمدينة بغداد والفيلسوف الكندي ، استمرت الاوركسترا بالتطور وانضم اليها في نهاية السبعينات والثمانينات خريجي مدرسة الموسيقى والباليه التي رفدت الوسط الفني الموسيقي بكثيرمن الاسماء اللامعة اضافة الى خريجي معهد الفنون الجميلة و مدرسة الموسيقى العسكرية وبالأضافة الى جميع الموسيقيين الأجانب المقيمين في العراق انذاك
تتابع على قيادة الاوركسترا العديد من قادة الفرق الموسيقية الاجانب المحترفين منذ تأسيسها ، وكان من ابرزهم : هانز كراف ( النمسا ) ، جيرزي بروسنر ( بولونيا) ، ميكلوس جير( هنغاريا ) ، سكفريد شتولده (المانيا الشرقية) ، جورج مان ( هنغاريا ) ، هانز كونتر مومر ( المانيا الغربية ) ايرلنك هوي (هنغاريا ) ، بيلك زيدنك ( بولونيا ) وكل من يوري علييف ورامز اصلانوف من (الاتحاد السوفيتي السابق) وحتى مرحلة الثمانينات حينما تولى قيادتها عددا من الفنانين العراقيين كان من ابرزهم : محمد أمين عزت ، عبد الرزاق العزاوي ، و محمد عثمان صديق ،
كما ان التطور النوعي للاوركسترا ادى الى ظهورالعازفيين المنفردين ( عازفي الصولو ) مع الاوركسترا من العراقيين الذين اخذوا يعوضون عن الأعتماد الكلي عن العازفين الضيوف الأجانب بالرغم من اهمية هذا التواصل الثقافيمما شكل قفزة نوعية عبرت عنها براعة العازفين المنفردين العراقيين من اجيال مختلفة وخصوصا ان بعضا منهم ذوي الاسماء
آرم زارسيان ، محمد عثمان ، ليث عبد الغني ، كريم وصفي
علي خصاف ، نبيل هاني ، جنيد محمود حمد ، احمد محمود حمد ، . سعد الدجيلي ، وغيرهم مما جعل الاوركسترا في مراحل تطورها تعتمد على العازفين العراقيينكما يحصل حاليا ، حيث تضم بحدود سبعة وثمانون موسيقياً من اصل مائة وعشرون والذي يمثل النصاب المثالي
قدمت على مدى مسيرتها الفنية اعمالا موسيقية غاية في التميز ، وامتد نشاطها الفني خارج العراق حيث قدمت حفلات عديدة في كل من بيروت ، وعمان ، وروسيا ، واذربيجان ، ..دبي.. والولايا ت المتحدة الأمريكية وفي عام 2003 أدت الفرقة العراقية للأوركسترا في مركز كيندي بواشنطن ، معزوفة لديوك إيلنغتون وجورج جيرشوين إضافة الى السمفونية التاسعة لبيتهوفن وألحان منفردة لشوبن وقد كان من بين الحضورالرئيس الأميركي السابق جورج بوش وعددا من المسؤولين رفيعي المستوى تحتل الاوركسترا السمفونية باعتبارها الواجهة الحضارية المتميزة موقع الصدارة ضمن الحاله الثقافيه العراقية خصوصا بعد ارتباطها المباشر بوزارة الثقافة وهناك توجه ايجابي للتعامل مع القطاع الخاص وذلك يعتبر بداية موفقة لدعم الثقافه الرصينه من خلال مفهوم التعامل مع القطاع الخاص بدعم القطاع الحكومي من التوجهات التي تخدم مسيرة تطورالفرقة هو تقديم مؤلفات الموسيقيين العراقيين المعاصرين باسلوب سيمفوني وتنويع التراث العراقي وتقديمه بشكل اوركسترالي وهناك تجارب ناجحة لهكذا اعمال لمؤلفين مثل محمد أمين عزت ،عبد الامير الصراف ، جون بشير ، منذر جميل حافظ ، عبد الرزاق العزاوي ، محمد عثمان ، حسام الدين الأنصاري ، علي خصاف ، نبيل هاني ، زيد عثمان ، مهند فؤاد) وكان لآلة الجلو نصيبا متميزا في المؤلفات التي قدمت بشكل ناجح في الفترة الماضية وهناك توجه لتقديم اعمال جديدة لهذه الالة
وقدتعرضت الأوركسترا لضربة كبيرة بعدالأحتلال الأميركي حيث تعرضت مكتبتها الموسيقية ومخازن الآلات الموسيقية التابعة لها إلى عملية نهب عقب سقوط النظام السابق في عام 2003. كما أنه قد تعرض عدد من أفرادها إلى عمليات خطف في حين أن البعض الآخر قد قتل نتيجة أعمال العنف التي عصفت بالعراق بعد احتلاله كما وجهت للبعض الآخر تهديدات بالقتل، وفر 29 من اعضاء الفرقة إلى خارج البلد، فقد سلب السٌراق كل ما أمكن حمله من مدرسة الموسيقى وحطموا البقية منها، ومن حينها جاء العون من جميع أنحاء العالم ، وقد تم إستعاضة الآلات الموسيقية وعولجت صفحات الموسيقى المرسومة من التي تمزقت أو شوهت بفعل التخريب ولكن الخسارة تبقى أعمق وبالرغم من كل ذلك عادت الأوركسترا السمفونية العراقية من جديد وتصف لنا جريدة الصباح إحدى أمسيات الفرقة قائلة ((أخيرا أفتتح قائد الأوركسترا محمد أمين عزت منصة موسيقاه وهو يتوق لرنين الكمان وثرثرة الأصدقاء التي فاقت أخيرا من سباتها وبعد أن رفع عصاه قبل بدء النوتة الأولى حدث شيء رائع حيث سادت (لحظة سكون) إنها لحظة نادرة الحدوث في مدينة تشكو ضوضاء المولدات العالية وأزيز مكيفات الهواء وطائرات الهليكوبتر وإطلاق الرصاص والصياح والأنفجارات لم يكن ماأعقب هذه الجلسة مجرد قراءة عظيمة للعمل المتقن أمام من بقي من أعضاء الفرقة السمفونية العراقية فقد كانت هذه تجربتهم الأولى بعد العطلة الصيفية ، فقد ابتعدت الآلات الوترية والنحاسية والخشبية عن كل ما يذكرنا بأصوات الحرب والضوضاء في أمسية رائعة الجمال.
تعود الفرقة السمفونية الوطنية العراقية من جديد لتضفي على المشهد العراقي لمسة راقية من الفن الكلاسيكي، بالرغم من الظروف التي مرت بها البلاد خلال عقود متتالية ويؤكد المايسترو محمد امين عزة الحرص على تقديم كل ما يليق بالفرقة السمفونية الوطنية العراقية التي تعد من اقدم الفرق الكلاسيكية في المنطقة إذ تمتد بداياتها الى اربعينات القرن الماضي، مشيراً الى أن أهم ما تواجهه الفرقة من تحديات يتمثل في عدم توفر مسرح خاص يحتضنها ولم تكن مسألة عدم وجود مسرح يحتضن نشاطات هذه الفرقة الغنية بفنها مانعا لعطائها، فقد تمكنت من تنظيم حفلات شهرية اقيمت على مسرح معهد الفنون الجميلة الذي اكتظ بالحضور ، وإعتبر قائد الفرقة علي خفاق أن الاوركسترا العراقية وصلت لمصاف نظيراتها العالمية الا انها بحاجة لدعم حكومي لمواصلة تطورها واستطاعت الفرقة الاستمرار في عملها معتمدة على طاقمها العراقي من عازفين وقادة منفردين على مختلف الالات الموسيقية ومنذ عام 1989، وبدأت تقدم مقطوعات موسيقية من مختلف العصور الموسيقية، فضلاً عن المقطوعات السيمفونية ويعتبر عازف الجلو علي العزاوي، المغترب منذ 18عاما ان التطور الذي حقتته الفرقة يعد تحدياً رغم الظروف التي عاشها العراق, قائلاً إن هذه الباقة من الشباب واصلت بكل نجاح تطورها رغم كل التحديات التي واجهتم خلال
ويقول المتذوق سهام الاعظمي ان الموسيقى الكلاسيكية غذاء للروح، مشيرا الى ان المواطن العراقي تحديداً بحاجة ماسة لمثل هذا النوع من الفن الذي يخفف من همومه ومعاناته، وأكد ان العراقيين محرومين من الحفلات السمفونية من جهتها تتعذّر وزارة الثقافة بضعف التمويل في رفد هذه الفرقة التي تعتبر هوية للعراق المتحضر، ويؤكد مصدر بالوزراة انالميزانية المرصودة لوزارة الثقافة لا تكفي لبناء وترميم المسارح في العراق، مشدداً على أن تمويل دائرة السينما والمسرح ذاتي، وانها لا تعتمد على الحكومة تحسن الوضع الأمني وإنعكاساته على الفرقة سجل نشاط الفرقة السيمفونية العراقية تطورا ملحوظا خلال العام الماضي أسهم فيه التحسن النسبي الذي طرأ على الوضع الأمني ويستطيع اعضاء الفرقة الآن ان يركزوا على المستوى الفني وخاصة اتقان الأداء بدلا من القلق وحرق الاعصاب على تأمين القضايا اللوجستية أو حتى الصراع من أجل البقاء، كما كانت الحال في السابق قدمت الفرقة السيمفونية العراقية العام الماضي 23 حفلة موسيقية في انحاء البلاد وهي تضم الآن 90 موسيقيا بالمقارنة مع 52 في عام 2005 وقال كريم وصفي قائد الفرقة في حديث لصحيفة وول ستريت جورنال ان الفرقة السيمفونية العراقية قدمت عروضا جيدة منها أداء قطعة رابسودي إن بلو للموسيقي الأميركي جورج غيرشوين وكونشيرتو بيانو للموسيقار غريغ واعمال من تأليف فاغنر وبرامز ومقطوعات ألفها خصيصا للفرقة موسيقيون عراقيون وكانت الفرقة عزفت في تشرين الثاني شهرزاد للموسيقار رامسكي كورساكوف، وهي من الأعمال الصعبة التي يمكن ان تصبح موسيقى مثيرة، متألقة وكاسحة أو تتحول الى حفنة من الأصوات العالية واعرب وصفي عن ارتياحه لأداء الفرقة مشيرا الى ان اعضاءها تدربوا على شهرزاد شهرين كاملين قبل تقديم القطعة. “
تقدم الفرقة جميع حفلاتها مجانا ربما تقدير ا لجمهورها من العراقين الذين يقطعون كيلومترات مشيا على الأقدام بين متاهات من الحواجز الكونكريتية للوصول الى قاعة العرض، التي تكون دائما مملوءة ويشكل هذا الاقبال بارقة أمل بانتعاش الحياة الثقافية ويقول وصفي الذي تولى قيادة الفرقة منذ عام 2004 ان استعادة ثقة العرقيين بالفضاء العام هدف آخر من اهداف الفرقة “وكأن اهدافنا ليست كافية”. نجا اعضاء في الفرقة بينهم قائدها من هجمات عشوائية ودُمر جزء من العمارة التي يسكن فيها قائد الفرقة كريم وصفي في احدى شققها إثر عملية تفجير وكاد مقر الفرقة نفسها يدمره انفجار سيارة مفخخة