الجسور في بغداد القديمة

الجسور في بغداد القديمة

في بغداد كان هناك جسران، الجسر الصغير المعروف أيضاً بجسر المأمون، وكان يُسمى الجسر الصغير والعتيق بعد بناء جسر مود. كان الجسر مُصنعًا من الخشب، يُثبت على جانبيه بحديد مكشوف، وكان يحتوي على صدر عريض وحبال متينة من السلك الحديدي تكون مربوطة بالأنكر المستقر على بعد خمسين مترًا من الجسر، عائمة في الماء لتثبيت الجسر ومقاومته للتيار. وكان المسؤول البريطاني عن الجسر يعيش في منزل خاص له ضمن نفس دائرة العمل، وكان يقع على رقبة الجسر من جهة الرصافة.

Kotah Bridge across the Tigris River, Baghdad, Iraq, circa 1918. (Photo by Hulton Archive/Getty Images)

عبر الجسر، يتم فرض رسوم عبور على الحيوانات والعربات، وكان السيد حميد حنونة، الذي أثار النقد بسبب إصداره قانونًا يعفي ما تبقى من الضريبة باسم (حنونة)، من أهم المشرفين على الجسر. الناحية الأخرى من الجسر، المتجهة إلى الكرخ، تكتسي طابعًا عسكريًا، حيث يظهر بنيانه القوي والفتحات للرشاشات في الأعلى، مما يشير إلى أنه شُيد لمنع العبور في حالة حدوث اضطرابات لمنع تواصل الثوار بين الكرخ والرصافة. وعلى رأس الجسر، يتواجد شرطيان، يتحكم كل منهما بالعبور باستخدام صافرة ويرفع علمًا لتنظيم حركة المرور. وعند فراغ الجسر، يرفع الشرطي الثاني العلم الأبيض للسماح بمرور الأفراد الذين ينتظرون في الجانب الآخر. وكانت مشكلة الجسر تتمثل في فيضان نهر دجلة.

الجسر مود، المعروف أيضًا بجسر الأحرار، ارتبط بالجنرال البريطاني الذي فتح بغداد في عام 1917، وكان له جنائب مدببة ومغلقة تعلو على الجنائب، مما جعل خطر الفيضان أقل عليه مقارنةً بالجسر القديم. صباح نوري سعيد أُصيب بجروح خطيرة ومات مرافقه عندما عبر بطائرته من تحت الجسر.

تنظيم المرور على الجسر كان يتم بواسطة الصافرة والعلم، وكان يُستخدم الجسر كمنطقة ترفيه للناس في أيام السبت والأحد، حيث كانت الفتيات اليهوديات والمسيحيات يتنزهن وسط فرح وبهجة، مستعرضات زيهن الثمين وجمالهن للفرجة أو لجذب العرائس.

تميز الجسر بدعامات خشبية كبيرة من خشب جاولي الهندي، مما جعله قويًا وثابتًا، وكان العبور عليه أكثر كثافة من الجسر القديم، نظرًا لاستقراره وعدم اهتزازه.

الجسر الثالث في الاعظمية أُقيم عام 1924، وهو استبدال للجسر القديم الذي كان في منطقة الحارة والذي تم إلغاؤه في نهاية الفترة العثمانية. يقع الجسر الجديد في حي الشارع المؤدي إلى المقبرة الملكية، وكان مصنوعًا من الخشب، وكان له المقدم العريض الذي لا يمكنه مقاومة تيار دجلة إلا بوضع أكياس التراب على الجانب الآخر لتجنب غمرها وغرقها.

كانت أرضية الجسرين غير مستقرة، وكانت جودة البناء ضعيفة، مما أثر في تحسين الراحة والأمان للمارة والركاب. كان على الأفراد العابرين عبر الجسر دفع قرش في الذهاب وقرش في الإياب، ويُعرف هذا الرسم بـ”الآنية”، أي قرش واحد في الاتجاهين.

تعترض اللوريات الثقيلة العبور على الجسر، حيث يُمنع المرور عندما تحمل هذه الشاحنات أثقالًا ثقيلة. تعاني المركبات من تحديات صعود المنحدر على رقبة الجسر والوصول إلى الشارع بسبب الفارق الكبير بين ارتفاع قمة الجسرين الآخرين ومقتربات جسر الأعظمية.

تزداد صعوبة العبور إذا كانت المركبة محملة، حيث لا تفيد السرعة وتتطلب من السائق الإسراع إلى أقصى حد من منتصف الجسر لتجاوز المرتفع. وفي حالة الحمولة الثقيلة، يجب على السائق أن يبدأ بتفريغ البضائع من منتصف الجسر لضمان عبورها بسلام، ثم يقوم حمالون بنقل البضائع لتوصيلها إلى المركبة الانتظار.

بعد مرور سنة أو أكثر، تم إلغاء رسم العبور للأفراد بعد الانتهاء من بناء معمل فتاح باشا للنسيج في الكاظمية. وتمت إزالة إدارة الجسر العتيق وجسر مود من يد البريطانيين، ليتولى الجسارة العراقيون المسؤولية، وفي بداية الثلاثينيات تم التخلي عن الجسارة البريطانية وتدريب الجسارة العراقيين لتحسين إدارة الجسرين.

بالإضافة إلى ذلك، تشير المعلومات إلى أن الأقوال حول هروب الجسر القديم أو انقطاعه لم تعد صحيحة بعد إنشاء جسر مود، وتم نقل جسر مود إلى منطقة السنل بجوار فندق السندباد، وأطلق عليه اسم جسر الملك علي.

اترك تعليقك


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *