قبل أن تُعلن بغداد عاصمةً، كانت تحمل اسمها شهرةً بفضل سوقها الكبير الذي كان مركزًا لتجارة متنوعة في المواسم. تاريخياً، يظهر أن اسم بغداد كان معروفاً قبل أن يتم اختيارها لتكون عاصمة المنصور. يُشير أيضًا إلى أن هناك دلائل تاريخية على تسمية بكَداد وبكَدادا في العصور القديمة، وكانت هناك آثار على لوحات طينية من الفترة الساسانية. بنى المنصور مدينته الجديدة على الجانب الغربي (الكرخ)، بينما واجهتها الشرقية (الرصافة) كانت تضم قرية سوق الثلاثاء.
في الشمال من بغداد، كانت هناك منطقة تعرف بقطيعة المخرم، حيث كانت مقبرة قديمة تجاورت مع المنطقة الحالية للأعظمية. توسع جانب الرصافة شمالاً بعد إعمار بغداد في عهد العباسيين، واشتهرت المنطقة بموقع محلة الإمام أبي حنيفة، حيث دُفن الإمام أبو حنيفة (رضي الله عنه). ظهرت محلتي الخضيرية والشماسية شمالاً، وأصبحت مشهورة بقصور خالد وابنه يحيى. كانت محلة الشماسية موطنًا لـ “دار الروم”، المسكن الرئيسي للمسيحيين والتي تسمي نسبة إلى الأسرى الروم الذين نُقلوا إليها خلال عهد الخليفة المهدي العباسي. ووصف الرحالة ابن جبير المحلة الشرقية بوجود مرقد الإمام أبي حنيفة. فيما ورد في رحلة ابن بطوطة عام 1327م عن المساجد التي تقام بها صلاة الجمعة في جانب الرصافة. وفي الوقت الحالي، تظل جامع الإمام أبي حنيفة ومقابر الخلفاء ومحلة أبي حنيفة الآثار الوحيدة المتبقية من تلك الفترة الزمنية.
سوق يحيى كان يقع بالقرب من مرقد الإمام أبي حنيفة، وكانت به دكاكين متنوعة تضم دقاقيق وخبازين وحلاقين. يمتد الطريق الشمالي المتجه إلى سوق خالد من سوق يحيى، وهو أيضًا قريب من مرقد الإمام أبي حنيفة، ويتوسطه سوق صغير. في منطقة الأعظمية، توجد أسواق أخرى مثل سوق الثلاثاء، وسوق باب الطاق، وسوق العطش الذي يرتبط بمنطقة الشماسية والرصافة. الباب الشمالي الذي كان يُسمى باب السلطان، كان مدخلاً لطغرل بيك السلطان الذي دخل بغداد من هذا الموقع. وقرب هذا الباب يوجد سوق السلطان. باب المعظم كان نقطة بداية الشارع المؤدي إلى محلة الإمام الأعظم. تم هدم الباب في عام 1923، ومكانه اليوم يقع بين قاعة الشعب وجامع الأزبك. في عام 653هـ (1255م)، وقبل سقوط بغداد، وقعت فتنة بين سكان محلة الرصافة ومحلة أبي حنيفة. وفي 614هـ (1271م)، زاد نهر دجلة وأغرقت بعض المناطق في بغداد، بما في ذلك مشهد أبي حنيفة والرصافة وجامع السلطان.
مناطق الأعظمية القديمة، مثل الرصافة وباب الطاق والدور ومحلة الإمام أبي حنيفة وسوق يحيى (السفينة) والخضيرية، تشكل اليوم نواة حي الأعظمية. تضم أيضًا محلة الشماسية، التي تضم شوارعًا مثل الضباط والصليخ والكريعات والدهاليك، وكانت تحتضن مساكن المسيحيين. المحلة المخرم تشمل نجيب باشا والكسرة والعيواضية. في سنة 251هـ (865م)، أُقيم سور المستعين في منطقة الأعظمية، وضم المحلات الثلاث المذكورة أعلاه قبل أن يهدم في القرن الرابع الهجري. بعد سقوط بغداد في عام 656هـ (1258م)، خرب الجانب الشرقي من الشماسية إلى المخرم وخرب السور. شهدت هذه الفترة العديد من الكوارث مثل الأوبئة والفيضانات والطاعون وسوء الحال واضطراب الأمن.
في العصور الحديثة، عندما دخلت الدولة العثمانية بغداد عام 1534م، لم يُولي اهتمامًا للأعظمية إلا في فترات معينة. ثم جاء الوقت للتوسع في المنطقة بدعم من بعض قبائل العبيد، خاصةً خلال عهد السلطان سليمان القانوني والسلطان مراد الرابع. في عام 1757م، وعام 1874م بأمر من السلطانة أم السلطان عبد العزيز، شهدت الأعظمية تجديدًا وتحسينًا.
أثناء دخول الانكليز بغداد عام 1917م، كانت سكان الأعظمية تقترب من الفين ونيف، وكانت منطقة إدارية ملكية. بدأ التوسع في المنطقة في عام 1930م، حيث أُنشئت محلة هيبت خاتون ومحلة راغبة خاتون. افتتح شارع عشرين في عام 1931م، وشهدت عمليات البناء توسعًا تدريجيًا. في العهد الجمهوري، أصبحت الأعظمية قضاءً، وشهدت زيادة سكانها إلى أكثر من 58 ألف نسمة في عام 1947م، وأكثر من 150 ألف نسمة في عام 1977م. واليوم، يبلغ سكانها أكثر من 300 ألف نسمة.
في تاريخ الأعظمية الحديث: