ابراهيم عرب وشخصيات بغدادية ظريفة

ابراهيم عرب وشخصيات بغدادية ظريفة

كان هناك فكه عراقي عاش في العهد العثماني ببغداد اسمه عبدالله الخياط، وكان مملقاً ولكنه، كما يقول الباحث التراثي عبد المعين الحيدري، كان بلبل المجالس ونزهة المحافل بين أرباب العلم والفضل ويذهب عنك الحزن إن كنت حزينا، كان له مجلس في داره والمشهور عنه أنه كان أميا لا يحسن القراءة والكتابة والمشهود عنه أنه كان غير منظم (مخربط)

في لباس رأسه فتارة تراه بكشيدة (غطاء رأس أحمر تلف حوله كوفية كان يرتديها تجار بغداد والشام) أحسن لفّها فتظنه بزازاً في سوق البزازين، وتارة تجده بعمامة بيضاء وتخاله قاضيا مهيبا…

ومن طرائفه أنه دخل مرة إلى بيته مذعوراً ونام تحت السرير وطلب من زوجته أن تغطيه باللحاف لتخفيه، ولما سألته عن سبب ذعره، قال لها: إن الحكومة تجمع الحمير لتعدمهم، فلما قالت له وما شأنك أنت بالحمير؟.. أجابها: إذا اشتبهوا بي وأخذوني فلن أستطيع أن أثبت لهم أني لست حماراً، وقد ذهبوا بجلدي إلى الدباغ 
كما عاشت في بغداد في القرن الماضي وما قبله شخصيات ترددت اسماؤها على السنة البغاددة لاسباب مختلفة، يستحق ان يذكروا سواء كنا نتفق مع اسلوب حياتهم ام لا، ومنهم :

توفيق اجنص 
توفيق اجنص كان واحدا من اشهر الشخصيات البغدادية في جانب الرصافة.. وكلمة اجنص من”جانص”بالانكليزيه ومعناها (حظ) وليس من (جنص) العربيه (بالفتح) بمعنى هرب خوفا…كان (توفيق) مغرم بنقل الاخبار لدرجة ان جميع اصحاب المصالح والدكاكين ما بين باب المعظم و السيد سلطان علي، يعرفون الخبر نفسه خلال ساعه من الوقت….كان من سكان محلة (الطوب) في باب المعظم وفي اوخر ايامه صار وكيلاً لقبض الرواتب التقاعدية للمسنين من النساء والرجال، الذين لايقدرون على مراجعة دائرة التقاعد، التي كانت عبارة عن غرفة واحدة في شعبة المحاسبات في وزارة المالية ويديرها السيد (محمد حسين النواب) والد الدكتور (ضياء النواب)، أذ كان عدد المتقاعدين قليلا جداً… بتلك الوكالات استطاع (توفيق) ان يلتقط من الاخبار التي كان يحصل عليها من البيوتات ما لا يستطيع احد التقاطه، لذلك اطلق عليه احد الصحفيين لقب (توفيق ابو هافا) وهافا هي وكالة الانباء الفرنسية…كان توفيق انسانا بسيطا حسن السلوك يقضي حوائج الناس بقدر مايستطيع، ورجاؤه ووساطاته لدى المسؤولين الكبار في الحكومة كانت لا ترد 

خلف إبن أمين أصل كلمة(يتخيلف)
بحكم التخلف العام، والتعليمي بصورة خاصة، برزت بعض الشخصيات تتمنى ان يُشار لها بالبنان، حتى وإن كان بالقيام بعمل اجرامي… فخلال القرن 19، تحدث سكان محلات (البو شبل والكبيسات وقنبر علي) عن شخصية من هذه النوعيه اسمه (خلف أبن أمين)، كان (خلف) هذا يتخفى كلما وقعت جريمة قتل او سرقة، موحيا ومدعيا للناس وللسلطة بأنه هو الذي قام بها!!، وقد سار أسمه كمثل لمن هو على شاكلته من الناس ممن يدعون بما ليس فيهم فيقال (يتخيلف!!)، ربما كانت تلك شخصية غير حقيقية، ألا أن سكان المحلات المذكوره يصرّون على كونها حقيقية قد عاشت في القرن الثامن عشر… في الواقع، أن شخصيات مماثله لـ(خلف أبن أمين) قد تواجدت فعلا في بغداد بعد ذلك وخلال النصف الاول من القرن العشرين ومنها:

جاسم ابو الهبزي 
أنه واحد من ثلاث شخصيات عاشوا حتى اوسط القرن العشرين واشتركوا في شيء واحد الا وهو ادعاؤهم بما ليس فيهم، ف (جاسم ابو الهبزي) كان يدعي بالمراجل والشقاوة فكلما تقع جريمة قتل يتردد على المقاهي ومراكز الشرطة ويسأل ان كان قد ذكر اسمه في قائمة المشبوهين… كان يصادق المشهورين من الاشقياء مثل (ابراهيم الاسود) و(حجي شاكر الخياط) وقد نال من التوقيف والضرب ما لم ينل مثله احد وسيق الى المحاكم ولكنه يخرج بريئاً لعدم وجود اي دليل ضده، ألا أنه لم يرتدع، وكان يعود الى ادعاءاته الى ان تم توقيفه مرة في حادث مقتل احد الشبان في باب الشيخ من قبل (حجي شاكر الخياط وعزيز الاقجم) حيث اوقف لمدة سبعة اشهر تلقى خلالها من العذاب ما جعله يتوب توبة نصوح، بعدها اعتكف في بيته حتى وفاته 

إبراهيم عرب 
نفاخ من الدرجة الأولى…كان صاحب مقهى باب المعظم… لم يدع البطولة والشجاعة والشقاوة لكنه كان يدعي ايجاد الحلول لكل شيء، في السياسة والاجتماع والاقتصاد ويقدمها لكبار القوم والمسؤولين مجانا، اضافة الى أحاديث عن مغامراته في السفر والتجوال التي تفوق حدود المبالغة والخيال…منها: انه كان مدعواً للعشاء عند (الملك فيصل الاول) وقدم له النصائح في كيفية حكم العراق — المندوب السامي البريطاني (هنري دوبس) قد زاره منتصف الليلة الماضية وشرب عنده الشاي وحل له مشكلة مستعصية — (المس بل) قد عشقته وراودته عن نفسها ولكنه رفض ذلك بكل اباء — طاف في أفريقيا وغيرها من مجاهل العالم وواجهته أمور لا تصدق منا ان اكلي لحوم البشر قد أكلوه مرة الا انه نجا!… كانت تلك الاحاديث لطيفة فكهة في خيالها ومبالغتها تجعل مقهاه منتدى لكثير من الادباء والظرفاء… كما كان يستعلم باصرار عن كل من يرتاد كهوته، ومن لا يعرفه يقدم له الشاي او الحامض مجاناً ويبدأ حديثه معه قائلا : (بلا صغرا بيك منو جنابك؟ لأن كهوتي للاصدقاء والمحبين وانت واحد منهم)… وقد نقل مقهاه اواخر ايامه الى منطقه كمب الاعظمية.

اترك تعليقك


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *