أمل قباني .. في ذاكرة الاذاعة

أمل قباني .. في ذاكرة الاذاعة

كانت بمثابة النسمة المنعشة، حيث حلقت كحمامة بيضاء تهبط على أغصان قلوبنا. في عالم الإذاعة العراقية عام 1955، كانت الأم، رغم التحديات والتقاليد القاسية، تحمل راية المشاركة كعضوة في قسم التمثيليات في إذاعة بغداد. قد جسدت بشجاعة دورها بمساعدة أهلها، ورغم النظرة المحددة للمرأة في تلك الفترة، تمكنت من ترك بصمة تستحق التقدير.

تحدت أمل القباني، الإذاعية الرائدة، الانتقادات والحواجز الاجتماعية في تلك الفترة، حيث لم تكن الفرص المهنية الإذاعية متاحة للنساء بشكل شائع. استمرت بالعمل بنشاط وتفانٍ في مجال الإذاعة حتى عام 1959، حيث تم تعيينها كمذيعة في إذاعة بغداد بعد أدائها بتفوق في اختبار الاختبارات. اشتد حماسها وإبداعها بعد زواجها من المذيع المعروف بـ “مذيع الملك”، في ظل الظروف الاجتماعية التي كانت تفرض قيودًا على نشاط النساء في تلك الحقبة.

أمل القباني تألقت بلغتها العربية الرصينة ومهارتها في مخارج الحروف، حيث درست اللغة العربية وحصلت على الماجستير، صقلت من خلاله موهبتها الإذاعية. أطلقت برنامج “بين الإذاعة والمستمعين”، الذي كان منوعًا ويجيب على أسئلة المستمعين. ومن ثم، قدمت برنامج “في التليفون” الفريد من نوعه، حيث استخدمت المكالمات الهاتفية بشكل رائد في الإذاعة. قدمت أيضًا برامج أدبية ومنوعات، بما في ذلك برنامج “قالت شهرزاد” وبرنامج آخر بعنوان “من هنا وهناك”. فيما بعد، قدمت برنامجًا تلفزيونيًا يحمل اسم “عشر دقائق”، الذي كان يعرض صباح كل يوم جمعة.

أمل القباني وزوجها وابنهما سلام غادروا العراق إلى أذربيجان، حيث استمرت في مجال العمل الإذاعي. في عام 1963، عملت كمذيعة في إذاعة باكو، حيث قامت بقراءة نشرات الأخبار العربية والحديث الأدبي. قررت متابعة دراستها العليا، وفي عام 1964، قبلت في جامعة موسكو لدراسة الدكتوراه في الأدب العربي، حيث حصلت على الشهادة في موضوع الشعر الحر عام 1969.

عادت إلى العراق مع عائلتها عام 1969 وتولت وظيفة مذيعة في إذاعة بغداد. في عام 1978، أُسندت لها رئاسة القسم الروسي في الإذاعة العراقية، حيث قدمت برنامج “لقاء وحوار”، الذي كان يستضيف شخصيات معروفة في المجتمع في مجالات الفن والأدب والشعر. أعدت وقدمت العديد من البرامج مع زوجها الراحل حافظ القباني في مختلف المجالات. استثمرت جهدها في ترجمة كتاب عن إذاعة الأطفال من الروسية إلى العربية.

اترك تعليقك


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *