بعد أن فحصت الزبونة بعناية ملابس النوم، اختارت طقماً أبيضًا ووضعته في حقيبتها الكبيرة. قامت بتأكيد جماله وعبّرت عن ثقتها بإعجاب أخيها. ردت المرأة المسنة بتأكيد على أهمية إعجاب العروس فيما اختارت.
تعبيرًا عن انتهاء تجهيزاتها، قالت أم أحمد والدة العريس إن تقديم “النيشان” يحدث فور موافقة أهل العروس على الخطبة، ويُعتبر حجزًا للفتاة لمنع أي تقدم آخر. تتضمن الهدية الذهب وباقة ورد، بالإضافة إلى طقمي ملابس نوم باللون الأبيض وزي هاشمي أو قفطان مغربي، وشبشب، وعلبة مكياج، وغيرها حسب تفضيلات العائلة. وأضافت: “اشترينا خاتم الزواج فقط، حيث طلبت العروس أن تختار الذهب بنفسها، لذا سنقوم بجولة جديدة عند الصاغة”، مع تردد بعض الكلمات تكشف عن تعبها قبل دفع الفاتورة ومغادرتها.
لمياء حسن نعمة، صاحبة محل تجهيز العرائس في الكرادة، تشير إلى أن المسنات لديهن خبرة واسعة في اختيار نيشان العروس، وغالبًا ما يشاركن في هذه العملية مرارًا، مما يجعلهن زبونات دائمات لمحلها. يرافقن فتاة شابة، وعادة ما تكون شقيقة العريس، للاستفادة من ذوقها في اختيار بعض العناصر مثل أطقم النوم وباقة الورد.
تُعد باقة الورد من الهدايا الرئيسية في النيشان، ولكن في بعض الحالات، تختار عائلة العروس باقة أخرى إذا لم تعجبها لون الورد الذي قدمته عائلة العريس خلال الخطبة. وفيما يخص تفضيلات العرسان في الألوان، يقول علي أحمد محمد، صاحب محل باقات الورد في شارع عشرين بمنطقة البياع، إن الألوان الرائجة هي الأبيض والوردي والبنفسجي والأسود. غالبًا ما تقوم أم العروس بزيارة محله مع أهل العريس لاختيار الباقة، وفي بعض الحالات يسمح للعروس بالمشاركة في اختيار بعض العناصر، مثل مسكة الورد.
في حال كانت الأسرة محافظة أو إذا كان الزواج يتبع الطقوس التقليدية، ترافق والدة العريس إحدى بناتها أو شقيقتها لاختيار النيشان. بينما في حال كان الزواج نتيجة لتعارف مسبق أو قصة حب، فإن العروس غالبًا تتخذ قرار اختيار النيشان بنفسها.
تجهيز العروس لا يكتمل دون وجود الذهب، ورغم ذلك، تُفضل بعض العائلات جلب خواتم الزواج أولاً، وبعد إعلان الخطوبة، تقوم الفتاة بشراء باقي القطع الذهبية. يتباين نهج شراء الذهب بين العائلات.
تظهر اختلافات واضحة في تقديم الذهب بين العائلات، حيث تُقدم بعضها كميات متواضعة، بينما تُقدم أخرى كميات أكبر. في تغيير للعادات السابقة، حيث كان محبس الخطوبة كافيًا خلال فترة ارتفاع أسعار الذهب، يزداد اليوم إقبال الناس على شراء الذهب أثناء الزواج. بعض العائلات تفضل أن يكون المهر مؤلفًا من الذهب، سواء كان مقدمًا مسبقًا أو في وقت لاحق. وفي هذا السياق، يشير هشام وارد، صاحب محل “اللورد” لبيع الذهب، إلى أن هناك اختلافات بين العائلات حيث تطلب والدة العروس كميات أكبر من الذهب مما يتوقعه والد العريس، مما يؤدي إلى مفاوضات حول الكميات والأسعار، خاصة عندما تعترض بعض العائلات على شراء المصوغات ذات الأوزان الثقيلة.
على الرغم من أن مهور الزواج في العراق لا تزال في حدود معقولة، إلا أن الأيام القليلة الماضية شهدت تداولًا على منصات فيسبوك لعقد زواج بقيمة مليار دينار عراقي. وقد أثارت هذه الحادثة تعليقات متنوعة على عدة صفحات، بعضها كان ساخرًا، في حين كانت ردود أفعال أخرى تعبر عن استغراب الناس تجاه هذا المبلغ الكبير.
في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، كانت معظم العائلات تتجه إلى شارع النهر في بغداد، المعروف أيضاً بشارع العرائس، لشراء النيشان. كان الشارع مركزًا متكاملًا يلبي احتياجات العروس المتنوعة. ومع مرور الوقت، شهدنا تحولاً حيث استبدلت المراكز التجارية الشارع وأصبحت بديلًا له، وفي الوقت نفسه، تحولت معظم محلات تجهيز العرائس إلى تركيز على البيع بالجملة.